كان هناك طالبٌ جامعى يدرس القضاء بإحدى الجامعات ,ورجع ذات يوم إلى بيته فإذا بزوجته تخونه على فراشه مع شخص آخر فلما رأوه أصابهما الخوف وكأنما نزلت عليهما صاعقه من السماء.
فلم يزد الزوج على أن قال للرجل : ألبس ثيابك
فقال له الرجل : اقسم بالله العظيم أنها هي من أغرتني
فقال له مرة أخرى : ألبس ثيابك واستر على نفسك ,سترَ الله عليك وأخرجه من منزله وهو ممتلىء غيظاً وقهراً وغضبا ,ولكنه أراد ما عند الله وكتمَ غيظه ,فلما خرج الرجل ابتسم ابتسامة ربما تعجبا من نجاته أو سخرية من ذلك الإنسان الملتزم الهادئ ,حيث لم يتوقع منه الا أن يقوم بقتله.
وما كان من ذلك الطالب الجامعي إلا أن قال : حسبنا الله ونعم الوكيل بكل حزن وقهر مما ألمَّ به , وهذا موقف يتمنى الواحد أن يموت ولا يعيش مثله أو يراه في أبعد الناس إليه أحرى أن يعيشه واقعا في بيته وزوجته.
رجع الطالب الجامعي إلى زوجته وقال لها : اجمعي ملابسك وأشياءك وسأنتظرك خارج الغرفة لكي تذهبي إلى أهلك فجلست تبكي وتشرح له ما أصابها وأنها من نزوات الشيطان وتختلق كثيرا من الأمور والاعذار ولكنه التزم الصمت حتى انتهت من كلامها ثم طلقها ثلاث طلقات وقال لها : استري على نفسك سترَ الله عليك ,وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ثم انتظرها خارج الغرفة حتى انتهت وسافر بها حوالى 300 كلم إلى أن أوصلها الى منزل أهلها.
وعندما أوصلها لبيت أهلها قال لها ستر الله عليك واتقي الله الذى يراك ويعلم سرك ونجواك ,وان فعلتِ فسوف يرزقك من أوسع أبوابه.
فقالت له : فعلا أنا لا استحق رجلا تقيا نقيا مثلك وجلست تلطم خديها ,فأعاد عليها الكلام مرة أخرى ثم عاد الى مدينته.
يقول ذلك الطالب :
مرت عليّ سنوات حتى تخرجتُ من الجامعة ,ورغم تلك السنين لم تغب عن عيني للحظة واحده تلك الضحكة الساخرة من ذلك الرجل ,فلقد تزوجتُ من امرأة ثانيه وأنجبت منها وتم تعييني كقاضي بالمحكمة , وأذكر مدى تفانى زوجتي الثانية وما فعلته من أجلي ,لكنني لم أنسَ تلك السخرية.
ويضيف : لقد عوضني الله بإنسانة لم أحلم يوما من الأيام بها فكانت عظيمة بكل ما تعنيه الكلمة ,كانت نعم الزوجة الصالحة المؤمنة.
ويقول : طلبت من الله في كل صلاه أن أنسى ذلك الموقف ولكنه دائما أتذكره كل ما رأيتُ شخصا يضحك.
وفى ذات يوم قُدمت إليّ أوراق القضايا كالعادة وأدخلت عليّ في مكتبي ,وجاء الدور على قضية قتل من أجل البت فيها ,لقد كان هو نفس الرجل الذى وجدته مع زوجتي , فقد قام بجريمة قتل شخص آخر ,وكان مكبلا بالحديد والسلاسل وحالته يرثى لها ,فلما دخل عليّ بدأ حديثه بالقول : سيادة القاضي أنا مظلوم ..ساعدني.
فقلت له : ماذا أتى بك إلى هنا وما هي مشكلتك
فقال : لقد وجدت رجلا في فراشي مع زوجتى فقتلته
فقلت له : ولماذا لم تقتل زوجتك ,فقال الرجل : لقد قتلتُ الرجل ولم اشعر بنفسي لحظتها.
فقال القاضي : لماذا لم تتركه وتقول له سترَ الله عليك
فقال الرجل : هل ترضاها يا شيخ لنفسك.
فقال القاضى : نعم أرضاها لنفسي ولا أقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل
,فما كان من الرجل إلا أن فتح فمه وقال : لقد سمعت هذا الكلام من قبل
فقال القاضى : نعم سمعتَه مني عندما غدرتَ بي وبزوجتي واستغليت ذهابي للتحرش بها حتى أوقعت تلك المسكينة في الزنا.
هل تذكرُ ضحكتك عليّ وأنا أقول “ستر الله عليك” ,نعم…. لقد ترك الله لك المهلة ولكنك تماديت بعصيانك وسفورك حتى أراد الله أن يقتص منك لعباده.
اقسم بالله العظيم أنني أعلم انه كل ما طالت حياتك لن تنسى ذلك الموقف
ومن ثم سكت القاضى قليلا ,وقال ماذا تظن أنني أستطيع أن افعل؟
ليس بيدى شيء إذا لم يتنازل عنك أهل القتيل.
والآن سأصدر فيك حكم شرع الله عز وجل.
فقال الرجل : أعلم ذلك ولكن لا أريد منك إلا شيئا واحدا
,فقال القاضى : وماذا تريد ؟
قال الرجل : أريدك أن تسامحني وتدعو لي بالرحمة …نعم!!! لقد أطعتُ الشيطان وهذا أقل من جزائي ,ويعلم الله أن ما قالته لك زوجتك صحيح فانا من تحرشتُ بها وأغريتها بوسائل عدة ,وكلما فشلتْ وسيلة أتيتها بوسيلة شيطانيه أخرى حتى أوقعت بها وهذه الحقيقة…ويا ليتك قتلتني ساعتها ولم أرَ ما رأيت بعد ذلك.
فما كان من القاضي إلا أن قال : سامحك الله في الدنيا والآخرة.
ولم ينتهِ القاضي عند هذا الحد ,فلقد سعى من ضمن أهل الخير الذين يريدون إقناع أهل المتوفى بالتنازل ,ولكن حكمة الله فوق كل شيء
فلقد أراد الله عز وجل أن يقتص من ذلك الرجل.
العبرة من القصة :
كما تدين تدان , وكما تكيل يُكال لك.