كشف مصدر إعلامي عن وثائق تحمل توقيع وزير المالية محمد الأمين ولد الذهبي تم بموجبها منح عشرات القطع الأرضية في منطقة تجارية، وبأسعار رمزية، رغم أن بعضها يتجاوز الحد المسموح للوزير قانونيا بمنحه، وهو 1000 متر مربع.
وجاء في هذه الوثائق التي نشرتها الأخبار، أن الوزير ولد الذهبي منح 37 قطعة أرضية في مدينة بير أم اكرين بولاية تيرس الزمور، تقع على مساحة إجمالية قدرها 41990 مترا مربعا، وذلك لصالح عدد من النافذين.
تجاوز للصلاحيات
ويشكل هذا المنح خرقا للقانون المنظم للمجال، وتجاوزا لصلاحيات الوزير بخصوص السقف الذي يحق له منحه.
ورغم أن الوزير ولد الذهبي أحال إلى المرسوم المنظم للمجال، والمحدد للسقف الذي يحق له منحه في (1000 متر مربع)، وذلك في وثائق المنح الـ37، فإن هذه الوثائق تضمنت منح قطعة أرضية بمساحة 11227 مترا مربعا، ووثيقتين بمنح قطعتين إحداهما مساحتها 3163 مترا مربعا، والأخرى مساحتها 1065 مترا مربعا.
كما وقع وثائق منح قطعتين أخريين إحداهما بمساحة 3162 مترا مربعا، و1065 مترا مربعا.
وينص المرسوم رقم: 080/2010 الصادر بتاريخ: 31 مارس 2010، والذي يلغي ويحل محل الأمر القانوني: 127/83 الصادر بتاريخ: 05 يونيو 1983، فإن وزير المالية لا يحق له منح أكثر من 1000 متر مربع.
فقد نصت المادة: 126 من هذا المرسوم على أنه: "في المناطق الحضرية يكون منح الإقطاعات المؤقتة أو النهائية حصريا من اختصاص وزير المالية إذا كانت المساحة لا تتجاوز ألف متر مربع في أي منطقة كانت، ومجلس الوزراء إذا كانت المساحة تتجاوز ألف متر مربع".
وكان لافتا أن توقيع وزير المالية محمد الأمين ولد الذهبي لمنح هذه القطع للمجموعة المستفيدة منها تم في يوم واحد، وهو يوم الاثنين الموافق 05 إبريل 2022.
وحسب نفس المعلومات، فإن توقيع الوزير ولد الذهبي القاضي بمنح هذه القطع الأرضية جاء بعد امتناع شركة "إسكان" التي تولت إعداد المخطط عن منح القطع الأرضية لهولاء الأشخاص.
وأضافت هذه المصادر أن شركة "إسكان" رفضت المنح بجحة أن القانون لا يسمح لها بذلك، بل يفرض توزيع القطع الاجتماعية، وبيع القطع الواقعة على الشوارع الرئيسية في مزاد علني نظرا لقيمتها التجارية، غير أن الوزير لم يعر ضوابط الشركة أي اهتمام.
أبرز المستفيدين
وكشف الوثائق أن العديد من الأشخاص النافذين في المنطقة والمقربين منهم كانوا أبرز المستفدين من هذه القطع الأرضية، كعمدة بلدية بئر أم اكرين السالمة علوات، وأخيها عالي علوات قائد الحرس الشخصي للرئيس، إضافة إلى أفراد آخرين من العائلة وناشطين في حلفهم السياسي.
فقد حصل أربعة أشخاص فقط على مجموعة القطع الأرضية المطلة على الملتقى الطرقي الرئيسي وسط المدينة، ومن بينهم محمدو محمد فال الخراشي (ابن العمدة السالمة علوات)، حيث كانت من نصيبه خمس قطع أرضية تحمل الأرقام من 414 إلى 418، وبسعر إجمالي قدره 4350 أوقية جديدة للقطع الواحدة، وهو ما يعني 21750 أوقية جديدة مقابل جميع هذه القطع.
وكان من اللافت أن وثائق المنح حددت مساحة كل قطعة أرضية من قطع ولد الخراشي الخمس بـ 400 مترا مربعا فقط، إلا أن المخطط يظهر أن مجموعها هو 11.226 مترا مربعا.
كما حصلت خديجة أحمد عنا (وهي مقربة من عائلة العمدة)، على ثلاث قطع أرضية تصل مساحتها الإجمالية إلى 4691 مترا مربعا، وتقع في الجهة اليمنى لقطع ولد الخراشي، وبسعر إجمالي قدره: 47.960 أوقية جديدة.
وإلى جهة اليسار من قطع ولد الخراشي تقع أربع قطع أرضية تم منحها بموجب وثائق وزير المالية لاعلي ولد انويجم، ومجموع مساحتها 5176 مترا مربعا، وبسعر إجمالي قدره 106.410 أوقية جديدة.
أما أحمد ولد تكدي، وهو أحد أقدم عناصر الحرس الشخصي للرؤساء الموريتانيين ويرافقهم منذ الثمانينات، فقد حصل على قطعة أرضية واحدة مطلة على الملتقى الطرقي الرئيسي، إلا أنها كانت الأكبر مساحة، حيث تصل إلى 11227 مترا مربعا، وبسعر قدره: 112.620 أوقية جديدة.
العمدة وعائلتها
وكان من اللافت أن عمدة البلدية السالمة بنت علوات وأخاها عالي علوات ومقربيهم، أبرز المستفيدين من عملية المنح حيث حصلت السالمة على ست قطع أرضية بمساحة إجمالية قدرها 3056 مترا مربعا، دفعت عن ست منها بمساحة 400 متر مربع مبلغ 4350 أوقية جديدة فقط عن كل واحدة، فيما دفعت 6910 أوقية عن القطعة السابعة ومساحتها 656 مترا مربعا.
أما أخوها عالي ولد علوات (قائد الحرس الشخصي للرئيس غزواني) فحصل على ست قطع أرضية، بمساحة إجمالية قدرها 2588 مترا مربعا، حيث دفع عن خمس منها بمساحة 400 متر مربع مبلغ 4350 أوقية جديدة فقط لكل واحدة، فيما دفع 6236 أوقية عن القطعة السادسة ومساحتها 588 مترا مربعا.
الحسن علوات (أخ العمدة)، حصل هو الآخر على قطعتين أرضيتين، بمساحة إجمالية قدرها 800 مترا مربعا، حيث دفع مبلغ 4350 أوقية جديدة فقط عن كل واحدة منهما.
وحصل أحمد بلخير (مقرب من العائلة)، على ست قطع أرضية، بمساحة إجمالية قدرها 2426 مترا مربعا، حيث دفع عن خمس منها بمساحة 400 متر مربع مبلغ 4350 أوقية جديدة فقط لكل واحدة، فيما دفع 4970 أوقية عن القطعة السادسة ومساحتها 426 مترا مربعا.
ومن بين المقربين من العائلة سيد أحمد عنا، حيث حصل على ثلاث قطع أرضية، بمساحة إجمالية قدرها 1200 مترا مربعا، ودفع عن كل منها بمساحة 400 متر مربع مبلغ 4350 أوقية جديدة فقط لكل واحدة.
وتحتل هذه القطع الأرضية مواقع استراتيجية، حيث تطل على الشوارع والملتقيات الطرقية الرئيسية في مدينة بئر أم اكرين شمال البلاد، وتصنفها وثائق المنح بأنها منطقة تجارية، وتم منحها بأسعار رمزية.
ويتساءل عدد من المهتمين بالشأن العام عما إذا كانت هذه التجاوزات الواضحة المبينة بالارقام والاسماء ستُوجب على السلطات القيام بإجراء عقوبات قانونية ضدهم ,أم أنهم محصنون ضد أي أجراء؟