ٱخر الطيره بنظام العسكر
حدّث الداهية الأمريكي "جون ما كين" عندما سئل عما قام به السيسي في مصر هل هو انقلاب أم تصحيح! قائلا :
"البطّة بطة حتى وإن غيرت مشيتها" في إشارة منه على أن الانقلاب هو الانقلاب حتى وإن صُبغ بصبغة مدنية!
نقتبس هنا من مقولة ماكين لنقول بأن العسكري سيظل هو العسكري نفسه لا يتغير نهجه ولا طريقته في التفكير، وما مثل من يراهن على العسكري في الإصلاح والبناء والتنمية، إلا كمثل من يرتجي لبنا خالصا بعد حلب ناقته في "الظاية"
فلا يغرنكم يا نخب يا متعلمين إن غيّر العكسري بذلته الملونة، وتحدّث عن الديمقراطية والعدالة والتنمية ودولة القانون، وأطلق الوعود والعهود وما من الله به عليه من تربية.... فقد قال ذلك إخوة له في العسكرية من قبل ... ولد هيدالة و ولد الطايع و ولد عبد العزيز، فهل أنجزوا شيئا مما وعدوا به! غير انهم تركوا بلدا مدمرا كأنه خرج لتوه من حرب أهلية طاحنة، يعاني اعلى مراتب ويلات الفقر والتخلف، رغم أنه ولله الحمد عاش رخاء أهليا لم تعشه معظم دول الجوار.
لقد خرب العسكر أو بمعنى أصح "طِغَام" العسكر بيوتنا ودمروا وطننا وأكلوا أموالنا و وأدوا مستقبل أبنائنا، وآخر الطّيْرَ بيهم، أنهم يسعون الآن لتقييد حريتنا وتكميم أفواهنا بجعل مأمورهم العسكري القاسح إلها منزها لا تطاله ألسُن الذاكرين ولا أقلام الكاتبين إلا بما يرضيه وما يستحق من تعظيم وتبجيل وإجلال!
ألا يكفي جحيم الواقع وما يعانيه المواطن من شح في المعيشة وانفلات في الأمن وانعدام في الفرص وغياب للخدمات وتهالك في الطرق ورداءة في الصحة وفساد في التعليم، حتى تسل له دبُّوس قوانين التكميم ومصادرة الحريات!!!
ألم يكن مؤلما منظر الشباب الموريتاني الحر وهو يقمع ويسحل بالأمس من طرف العساكر أمام برلمان الشعب!! دون أن يخرج لهم برلماني واحد معلنا التضامن والمؤزارة والوقوف إلى الجانب !!
ألم يكن مخجلا ان يجتمع برلمان الشعب! ليشرع القوانين لقمع وتكميم أفواه الشعب المطحون!!
ألم يكن حريا ببرلمانيينا أن يشرعوا القوانين التي تجرم الفساد المستشري في البلد وتغلّظ العقوبة ضد ممتهنيه وما اكثرهم!!!
ألا يعد أولوية مناقشة وضعية الفقر والبطالة والماء والكهرباء والاسعار والشركات الأجنبية والصفقات العمومية وما آلت إليه أوضاع صغار العمال، بدل مناقشة قانون تكميم الأفواه والدوس على ما بقي من هامش حرية لدى المواطن الموريتاني!!!
فعلا لقد صدق أخي الدكتور الطالب عبد الودود عندما وصف برلماننا بأنه عبارة عن كاج تصيح فيه الديَكة وترمي قذارتها !
ما أفلح فيه عسكر موريتانيا مدة حكمهم المشؤومة والتي ما زالت متواصلة الى الٱن، هو تدجين النخب، واللعب على وتر القبيلة والجهوية والنسيج الاجتماعي، وجعل الثروة دولة بينهم وبين مقربيهم؛ واستخدامهم كل الوسائل لملاحقة كل من يعارض نهجهم.
ورغم تفاوت العسكر في الانحدار بالدولة الموريتانية إلا أن السمة الغالبة هي أنه كلما جاءت طُغمة عسكرية بعد أخرى كانت أشد منها وطأة وأقل مزية وأفظع تنكيلا .. وما نشهده اليوم من سن لقوانين التكميم واعتقال للشباب والتنكيل بهم ومصادرة للحريات وارتفاع في الأسعار وفساد مستشري وتدوير للنفايات القديمة في الوظائف، هو انعكاس لتلك القاعدة المطردة التي لا تتغير أبدا "كل عام بعد عام والعسكر في حكم موريتانيا يرذلون".
فمتى يأفل هذا الليل الحالك وتنحل عنا هذه "الطغام" الخبيثة للأبد، وتخلي بيننا وبين وطننا الذي لم يعد فيه متسع من انتظار!!!
يعقوب احمد لمرابط