إنها قصة غريبة وعجيبة وأقرب الى الخيال منها الى الواقع ,لكنها قصة واقعية متواترة بين الناس.
خرج سالم من المدينة ليلا بمفرده يقود سيارته وكان مرهقا والمسافة طويلة تتجاوز المائتي كيلو مترا ,والطريق موحشة ومظلمة والسيارات التي تسلك الشارع في هذا الوقت نادرة.
استوحش سالم , لكنه وضع شريطا في المسجل وبدأ يستمع للأغاني , ومع ذلك يتمنى في نفسه لو وجد راكبا على الطريق يؤنس وحدته ويبادله أطراف الحديث.
ولم يكدْ ينتهي من فكرته حتى رأى شابا يقف على جانب الطريق يلوح بيده , ففرح به وأوقف سيارته ,ففتح الشاب الباب وجلس على الكرسي الامامي بجانبه.
ولم تمضِ الا دقائق حتى استلقى الشاب على الكرسي وأَرجعَه الى الوراء كمَن يريد النوم , ثم رفع رجله , ومدها بالقرب من سالم , فنظر اليها فإذا هي كرجل "وافراقش" الحمار "فداسَ" بقوة على الفرامل حتى كادت السيارة تنقلب وخرجت من الشارع ثم توقفت , ففتح الشاب الباب بهدوء ونزل من السيارة ولم ينبس بكلمة واحدة ولم يسألهُ سالم عما رأى ,ثم ابتلعه الظلام.
بعد لحظات من الرعب والفزع , سمى الله وابتلع ريقه وتناول قنينة ماء وشرب منها ثم انطلق مجددا , لكن صورة الرِّجْلِ لم تفارق مخيلته واستحوذت على تفكيره , وبعد ربع ساعة إذا هو برجل مُسن يقف على الشارع , فقال في نفسه : من الافضل ان أحمل هذا الشيخ العجوز يؤنسني ويخفف عني ما أنا فيه من الوساوس والفزع وأحدثه بما جرى معي قبل قليل لعلي أجد عنده تفسيرا منطقيا لما حصل.
وبالفعل توقف سالم وحمل معه الشيخ المسن , وعندما استقر بجانبه , سأله عن وجهته فأجاب : "الَّا ذاك ال واعدين انتومَ" سكت سالم برهة ,وأحس بنوع من الخوف ينتابه ويسري في جميع جسده ,فشكل الرجل المسن غير مطَمئنٍ وهيئته رثة , لكنه استجمع ما بقيّ من قوته واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم ثم بدأ يقص للعجوز ما جرى بينه وبين الشاب , وعن رجله العجيبة التي تشبه رجل الحمار, فما كان من العجوز الا أن مدّ رجله وقال : هل تشبه هذه , فنظر اليها فإذا هي رجل حمار مثل سابقتها ففزع فزعا شديدا وضغط على الفرامل حتى فقَد السيطرة على السيارة واختل توازنها وانقلبت عدة مرات ,حيث دخل في غيبوبة لبعض الوقت قبل أن يجد مَن يسعفه ويوصله لأقرب مستشفى.
أصيب سالم إصابات بالغة وأصبح الآن نصف مشلول , لكنه ما زال يتذكر تلك الرحلة المشؤومة , وحين يبدأ في روايتها يقشعر جسده , ويقف شعر رأسه ويتصبب عرقا ,ويقول :
إياكم أن تسافروا بمفردكم ,فالواحد شيطان ,ويد الله مع الجماعة.
قصة واقعية بقلم / محمد محمود محمد الأمين