فقيه موريتاني معروف ينتقد بشدة علماء المالكية في بلادنا(الاخيرة)

خميس, 08/07/2021 - 21:22

 

                                         36ـ  حديث المدري

جاء في الصحيح من حديث سهل بن سعد وأنس وغيرهما (أن رجلا اطلع في جحر في الباب ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدري يرجل به رأسه فقال: لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك, إنما جعل الإذن من أجل النظر)

وفي الصحيح كذلك عن النبي صلى الله عليه  وسلم (لو أن رجلا اطلع عليك بغير أذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح)

لكن المالكية ردوا هذه الأحاديث الصحيحة، وقابلوها بتأويلات باطلة من نحو قولهم: إن المعاصي لا تدفع بمثلها، وكأنهم أعلم من صاحب الإسراء والمعراج.

 

  37ـ  زواج المعتدة

(وتأبد تحريمها بوطء).

هكذا قال خليل بن إسحاق في مختصره عن المنكوحة في العدة، وبهذا سارت الفتوى في هذه الربوع.

والذي يجب أن يعلم أنه كلام غير صحيح، فجمهور العلماء بمن فيهم أصحاب المذاهب الثلاثة على عدم التحريم، وبه قال المحققون من المالكية كابن عبد البر والقرطبي والجلاب مثالا لا حصرا،وذلك أن الله سبحانه وتعالى ذكر المحرمات في القرآن ثم زادت السنة محرمات أخرى، ولم ينص على تأبيد تحريم المنكوحة في العدة فظلت داخلة في عموم قوله تعالى (وأحل لكم ما وراء ذلكم)

فتحريمها إذا والحالة هذه على التأبيد غير صحيح.

وروى ابن المبارك بسنده عن مسروق، قال: تزوج ثقفي من قرشية في عدتها ففرق بينهما عمر وعاقبهما وحرمها عليه على التأبيد...

 وعمر وإن كان قد أفتى بالتحريم، إلا أنه رجع عنه بعد أن عارضه مجموع الصحابة وخاصة علي، وقالوا: يفرق بينهما ولها صداقها وتكمل عدتها من الأول، وتستأنف العدة من الثاني، وبعد ذلك يعود خاطبا كجميع الخطاب...

ويبدوا أن عمر قد استند إلى قاعدة المعاملة بنقيض القصد الفاسد، وهي وإن كانت صحيحة إلا أنها لا تهدم الأصل الذي هو الإباحة، فلا بد من نص فحرمان القاتل من الإرث مثلا ليس دليله قاعدة من تعجل الشيء قبل أوانه قوبل بحرمانه، وإنما الحديث الصحيح: لا يرث القاتل.

والجصاص يقول: لا خلاف في أن من زنى بامرأة فإنها لا تحرم عليه، والزنا أعظم من النكاح في العدة، فإذا لم يحرمها الزنا فالأحرى أن لا يحرمها الزواج في العدة.

وعموما فالقول بالتحريم قول في مذهب مالك، وهو قول مرجوح.

 

                                         عزيزي القارئ

 هذا تحليق بانورامي أردت من خلاله تبيان موضع الداء ومكامن الخلل، وما كتبت - إذ كتبت - سعيا لزعزعة استقرار أهل المذهب أو تشويشا على (الجمهور) وإنما هي تنبيهات أراها من صميم الدين، ولا تزر وازرة وزر أخرى، وامرؤ حجيج نفسه، لكن الحق أحق أن يتبع وربنا جل في علاه لا يستحيي من الحق.

ومن الحق أن نقول: إن المذهب المالكي قد بدأ مبكرا ينحرف عن الدليل مكتفيا بالمقايسات وأقوال الرجال، لذلك تجد ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله يأسف لتلك الحالة، واصفا فقهاء المذهب في زمانه بأنهم (لا يقيمون للقول علة بل حسب أحدهم أن يقول فيها رواية لفلان ورواية لفلان)

ولمنذر بن أبي سعيد يشكو ما آلت إليه الأمور:

عذيري من قوم يقولون كلما

طلبت دليلا هكذا قال مالك

فإن عدت قالوا قال أشهب هكذا

وقد كان لا تخفى عليه المسالك

فإن زدت قالوا قال سحنون مثله

ومن لم يقل ما قاله فهو آفك

فإن قلت قال الله ضجوا وأكثروا

وقالوا جميعا أنت قرن مماحك

ويقول منصور الفقيه مصورا حالة المذهب في زمانه:

خالفوني وأنكروا ما أقول

قلت لا تعجلوا فإني سؤول

ما تقولون في الكتاب فقلنا

هو نور على الصواب دليل

وكذا سنة الرسول وقد أفـ

ـلح من قال ما يقول الرسول

واتفاق الجميع أصل وما تنـ

ـكر هذا وذا وذاك العقول

وكذا الحكم بالقياس فقلنا

من جميل الرجال يأتي الجميل

فتعالوا نرد من كل قول

ما نفى الأصل أو نفته الأصول

فأجابوا فناظروا فإذا الـعلـ

ـم لديهم هو اليسير القليل

ونرى حافظ المذهب ابن رشد  يحذر من حالتهم هكذا, بأنه لا يحق لهم الإفتاء ولا القضاء إذ لا علم عنده بصحة شيء من ذلك.

وروى الإمام ابن عبد البر وغيره عن الليث بن سعد قوله: (أحصيت على مالك بن أنس سبعين مسألة كلها مخالفة لسنة النبي صلوات الله وسلامه عليه مما قال فيها مالك برأيه، قال ولقد كتبت إليه أعظه في ذلك.)

وروى ابن مسلمة القعنبي قال: (دخلت على مالك بن أنس فوجدته يبكي فسألته لمه؟ فقال إنا لله يابن قعنب لما فرط مني ليتني جلدت بكل كلمة تكلمت بها في هذا الأمر بسوط ولم يكن فرط مني ما فرط من الرأي في هذه المسائل وقد كان لي سعة فيما سبقت إليه.)

وفي الاعتصام يقول الإمام الشاطبي (وقد زل بسبب الإعراض عن الدليل والاعتماد على الرجال أقوام خرجوا بذلك عن جادة الصحابة والتابعين واتبعوا أهواءهم بغير علم فضلوا عن سواء السبيل).

وقد تفاقم الأمر واستفحل الداء بعد الإمام الشاطبي، وانحسر البحث وركنوا إلى مشهور المذهب.

وزعموا أن كل مجتهد مصيب، وأوجبوا تقليد المذاهب ومنعوا التبصر والنظر حتى سمعنا الصاوي يقول في حاشيته على الجلالين عند تفسير فواتح سورة الكهف ( ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة، ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية، فالخارج عن المذاهب ألأربعة ضال مضل، وربما أداه ذلك للكفر، لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر)

فانظر أعزك الله إلى هذا الغباء!.

إنها مؤامرة على السنة وعدوان على الدين

لمتابعة الحلقة الماضية, اضغط هنـــــا

       

بحث