قصة إنسانية مؤثرة وقعت في حافلة أثناء رحلة بين نواكشوط وأطار

جمعة, 02/07/2021 - 17:10

عام فايت كنت مسافرة في احد الباصات ...

متجهة صوب مدينة اطار ...والحنين الجارف يملأ قلبي ...اتمني ان نطير وننزل في ثانية والقى امي واملأ عيناي من وجهها السمح...

.

بجواري فتاة عشرينية يعلو الصمت محياها واجمة بادية الكآبة ...شاردة ...لم يلفت الامر انتباهي ...ورويدا رويدا بدأت الفتاة تنتحب بصوت عالي ...تجفف دمعها بطرف ملحفتها ثم تهوي علي المقعد المخصص لها....

اشفقت عليها ساءلتها اختي انتي امالك...

بكت في حضني وهي تقول ...جدي توفي ليلة امس في اطار امي وحيدته وانا وحيدتها....

كان نبع حنان لاينبض ...اوجعتني كلماتها وتألمت حين عرفت انها لاتبكيه لموته وانما لقلة اهتمامها به في حياته ....

رباني وليدة ...حملني علي كتفيه ...سهر علي في صحتي ومرضي...كان نصيبي من كل مادخل الدار يحتفظ به لي ...

وان زاره احد الاقارب واعطاه مبلغا يخبأه بعيدا عن اعين الوالدة ويدسه في يدي خفية....

وكلما طلبت من الوالدة مبلغا وعجزت عنه يستلف من صديقه بائع التمور ويأتيني به...

رغم ضعفه انشغل عنه اول لليل بالتجول في بيوتات الجيران فأجد فراشي منظما ولاينام حتي اعود ...

كل تلك المحبة وذالك الحنان اشعر بالحزن والالم اني لم اتجاوب معه او ارده بالمثل في حياته....

كنت منشغلة بالهاتف والدراسة والصديقات والدنيا عنه....

في ايام الصيف تذهب الوالدة للسوق وتتركنا وحدنا نجلس في ظل حائط داخل منزلنا كعادة الادراريين ...اتناول الفطور معه بجسمي وروحي غائبه عنه ....

يتحدث ...يمازح ...يحكي قصص الناس لولة وانا هائمة عاكفة علي شاشة جوالي ...اتصفحها ...ارميه بين الفينة والاخرى بجواب مقتضب ....

اسقيه كاسات شاي لم انتبه لسكرها ولا وركتها ...ولايعيبها هو لحبه لي...

يناديني وهو يتألم لأنزع شوكة عالقة في باطن قدمه ....افتش عنها علي عجلة ...ارد اليه الابرة وانا اقول ياوالدي مافم شي ...يمسكها في صمت من يحاول تصديق الكذب

ويوم انتهت العطلة وقررت الذهاب لخالتي في نواكشوط للتسجيل بكيلة الاقتصاد...

رمقني بنظرة حنان ...وودعني بدمع غزيز ...احسست كأن الاشياء المحبطة بنا توحي لي بحدث لم افهمه الا فيما بعد....

عجوز مضنك ترك الزمن اثره علي جسمه ...تشع منه الطيبه فيه رائحة التدين والصفاء والايمان....

توفي ليلة امس....

تدس رأسها في حضني . ....يكاد صوتها لايسمع لشدة لشدة انتحابها ...تقول ....لين يعود مامات ماتيت لاهي نحرك عنو لاهي نتم الا قاريالو نحبو ونصنتلو ونسكلو لبالسو ونمرسلو ظهرو...

بكيت لبكاءها واحسست بالخوف ...وتخيلت جدتي وقلت في نفسي لعلني مقصرة في حقها انا ايضا...

ولعل كل قارىء للتدوينه هو مقصر في حق والد او والدة مسنة افنت عمرها في خدمته ....

مافائدة الحب اذا لم نتعامل به في حياتنا مع الاحباب...

انسمح لأنفسنا ان نهمل عزيزا فيرحل ونحن مقصرون في حقه...

المشاغل والاعمال والعلاقات الاخرى ...اهي ارجح في نفوسنا واعز من احبابنا الذين اوصانا ربنا بهم....وبالاحسان اليهم....

يفعلون كل شيء لأجلنا ونهملهم ساعة تشتد حاجتهم لنا ؟ذ يكبظ بيه مولانه

رحمه الله واسكنه فسيح جناته...

اثر في نفسي حديثها ...لما وصلت هرولت نحو جدتي وجدتها ف زريبة انخل ...تتشجم عناء الحركة لتستقبلي ...طرت وجيت في حضنها وعزمت ان اتجنب ماوقع لرفيقه سفري...

الحبيب الذي يعطي كثيرا ودون من او رغبه في المكافأة او طلب اعتبار يستحق علينا ان لانهمله ...

بقلم المدونة المشهورة / صاحبة الخباء