قصة نجاح نادرة لرجل فقير أصبح ثريا تخشاه أمريكا

أربعاء, 30/06/2021 - 20:39

قبل أن تصبح هواوي شركة عملاقة في معدات الاتصالات، كان مؤسسها "رن تشانغ فاي" Ren Zhengfei جزءاً من طاقم عسكري صيني تم إرساله إلى شمال شرق الصين المتجمد، في مهمة لبناء مصنع للألياف الاصطناعية لنسج الملابس.

وبحسب ما رواه رن لصحيفة "بريد جنوب الصين الصباحية"، فإنه التحق بالجيش الصيني أيام ما كان يعرف بـ"الثورة الثقافية في الصين"، التي قال عنها: "وقتها كانت الفوضى في كل مكان تقريباً، بما في ذلك في مجالي الزراعة والصناعة".

وأضاف الرجل الذي يبلغ الـ75 من العمر: "البلاد في تلك السنين، كانت تواجه أوقاتاً صعبة للغاية. وقد انعكست هذه الصعوبات في وجبات الناس وثيابهم".

وبالنسبة لشح الملابس، كان يُخصص لكل مواطن صيني ثلث قطعة القماش التي من المفترض أن تغطي جسده، وبحسب رن: "هذا كان يكفي فقط لستر العورة". وقد كشف رن أنه غالباً ما ارتدى في طفولته وصباه ملابس مرقعة.

في تلك الفترة كان الفقر غالباً على كل شيء تقريباً، ويرسم رن عن باكر حياته بمنطقة جبلية في مقاطعة قويتشو الأكثر فقراً في الصين، صورة تناقض بشكل صارخ مشهد الصين القوية والمزدهرة التي يتم طرحها اليوم.

الانضمام للجيش والحزب الشيوعي


في تلك الظروف انضم الشاب رن إلى السلك الهندسي لجيش التحرير الشعبي. وفي عام 1978 انضم رن للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، بمساعدة من مشرفه ومنظمات الحزب، بعد اختياره للمؤتمر الوطني للعلوم بالحزب، لاختراعه أداة مهمة تستخدم لاختبار المعدات المتطورة في مصنع الألياف الاصطناعية.

بحلول ذلك الوقت، كانت الصين حريصة على تعزيز مآثر العلوم والتكنولوجيا. وأصبح رن نائب مدير معهد بحوث البناء الصغيرة قبل تسريحه في عام 1983 عندما قامت الحكومة بحل سلك الهندسة بأكمله في الحزب الحاكم.

وفي عام 1987، لملم رن جميع خبراته الهندسية السابقة ليؤسس شركة هواوي برأسمال قدره 21 ألف يوان صيني (ما يعادل 3034 دولارا أميركيا اليوم). هذا المبلغ الزهيد تحول اليوم إلى ثروة طائلة، إذ يتوقع أن تبلغ الإيرادات السنوية للشركة المملوكة ملكية خاصة حوالي 125 مليار دولار أميركي هذا العام.

وقال رن، وهو نجل أحد معلمي المدارس الناجين من المجاعة الكبرى في الصين بين عامي 1958 و1961، إنه يدعم الحزب الشيوعي لكنه يضيف أنه لن يفعل "أي شيء يؤذي أي دولة أخرى". وشدد رن على أنه لا يرى روابط وثيقة بين معتقداته السياسية الشخصية وتصرفات هواوي كشركة تجارية.

كيف تدار هواوي.. التقشف والصرامة


لدى سؤاله عن كيفية تأثير تجربته في الجيش في تشكيل أسلوب إدارته لشركة هواوي، تحدث رن ذات مرة عن الظروف القاسية التي عانى منها هو ومواطنوه في لياويانغ، وهي مدينة صينية تقع على طول نهر تايزي، حيث يمكن أن تنخفض درجات الحرارة إلى أقل من 20 درجة تحت الصفر.

وقال: "في البداية، كان الجميع ينامون على الحشائش لأنه لم يكن هناك بيوت لنا، وحتى عندما تم بناء مساكن في وقت لاحق، كان الوضع رثًا لدرجة أنه لم يوفر سوى مأوى زهيد لصدّ بعض من الرياح والأمطار".

ويشير رن دائماً لطفولته وصباه ودورهما في تشكيل مقبل حياته من حيث الصرامة والجدية في العمل والإنتاج.

في أيام الفقر، قدّم مصنع الألياف الاصطناعية لرن أول نظرة له على ما تبدو عليه أرفع تكنولوجيا في ذلك الوقت في العالم، حيث كانت شركة فرنسية توفر المعدات للمصنع وكان لديها مستوى عالٍ من أدوات التحكم الآلية التي لم تكن لدى أي شركات صينية.

ويقول رن: "لقد تعلمنا تحمل المشقة.. وتعلمنا من التكنولوجيا الأكثر تقدماً في العالم بينما كنا نعيش حياة يمكن اعتبارها بدائية".

ثقافة الذئب.. لا خوف وعدوانية


اليوم، تُعرف هواوي في دوائر الأعمال الصينية بثقافة "الذئب" لكونها تتصرف بلا خوف وبعدوانية، ومن المعروف أن العمال فيها ينامون مباشرة في المكاتب من الإرهاق.

لقد جسدت هواوي بسالة رجال الجيش، كما يصوّرها رن، وهو يستشهد ذات مرة عن كيف خاطر موظفو الشركة بحياتهم لاستعادة 680 محطة أساسية في غضون أسبوعين في المناطق المتضررة من انهيار محطة فوكوشيما النووية في اليابان في عام 2011.

وقد كانت منغ وانزهو، ابنة رن الكبرى وكبيرة المسؤولين الماليين بالشركة، من بين اثنين من الركاب على متن طائرة من هونغ كونغ إلى اليابان وقت وقوع كارثة فوكوشيما.

ومنغ لا تزال في كندا حيث تم إطلاق سراحها بكفالة في انتظار البت بطلب ترحيلها للولايات المتحدة حيث كانت قد اتهمتها السلطات الأميركية بتمثيل شركة هواوي بطريقة احتيالية للتهرب من العقوبات الأميركية على إيران.

من جهتها، نفت منغ ارتكاب أي مخالفات وقالت إنها ستطعن في هذه المزاعم إذا تم تسليمها إلى الولايات المتحدة.

 

 

  

         

بحث