تم تعييني منذ شهر تقريبا ودلفت اليوم إلى مكتبي لأول مرة ويمتلكني شعور قوي بالزهو. يعود التأخر في الذهاب إلى المكتب لسبب بسيط ؟ كنت أبحث عن مكان يليق بي.
سأشرح لكم الموضوع : تم تعييني منسقا لمشروع ضخم، تابع لإحدى الوزارات ولكنه ممول من طرف مؤسسة دولية معروفة ب 50 مليون دولار لمدة خمس سنوات. أي أن "بلجتي" بالاوقية تزيد على ثلاث مليارات ونصف سنويا، وهو مبلغ ضخم نسبيا ولكن مع الرقابة الدولية سيكون الانتفاع منه صعبا. صحيح، لدي راتب 1.5 مليون اوقية شهريا وسيارة برادو جديدة مع سائق والمازوت مع بدل إيجار وفاتورة الماء والكهرباء والإنترنت، يعني، طبيعي..
ما علينا. سنبدأ بالسهل. لدي منزلان قمت بتسجيلهما على اسم المدام، ثم وقعت عقد كراء أحدهما لمكاتب المشروع والآخر لسكني، واليوم سأدخل في مفاوضات شاقة مع أصحاب البنوك.
مثلا انا من يختار البنك الذي يفتح فيه المشروع حسابه، ولكن يجب أن أختار بعناية. الهاتف يرن، على الطرف الآخر أحد كبار رجال الأعمال وهو مالك بنك ضخم. بعد السلام قال لي :
"ستفتح الحساب لدينا، سيقوم النصارى بضخ ميزانية المشروع. سيقوم محاسبك بالضغط عليك لأن الفواتير تتراكم على مكتبه وهنا يبدأ دورك. ستقوم بكسب الوقت".
ثم أضاف : "تصور أن يدخل حساب المشروع 3.5 مليار أوقية، تترك للمحاسب نصف مليار يتصرف فيها وتقوم انت بترك ثلاث مليارات في الحساب مدة ثلاثة أشهر. سأعطيك نسبة 3% فائدة. تصور كم ستربح؟".
فصرخت : كم ؟
فأجاب ضاحكا : على الأقل سبعة ملايين اوقية شهريا في جيبك.
قلت له موافق ثم أقفلت الخط وأغلقت عيني، وانا أتصور ماذا يمكنني أن أفعل بسبع ملايين زيادة على راتبي وعلى المليون الذي يدره كراء المنزلين.
طبعا يجب أن أعطي هدايا للوزير الذي ساعدني في التعيين، ويجب كذلك أن أساهم ماليا في تمويل بعثات الحزب ولكن حتى إذا قمت بهذا سيبقى لي فائض كبير.
كل هذا من غير أن أترك أثرا !
تعتبرون هذا سرقة ؟ أنا اعتبره شطارة.. تفگريش.
آه.. نسيت أن أقول لكم إن هدف المشروع هو مكافحة الفقر. ولكن كيف يمكنني أن اكافح ضد فقر الآخرين واظل فقيرا ؟ يجب أن أبدأ بنفسي أولا.
أنا مدير مشروع.
تقدمي نت