بعد عام ونصف، عادت قصة مؤذن ارتكب جريمة قتل لتطفو على السطح مجددا، وذلك بصدور حكم الإدانة في حقه لارتكابه واحدة من أبشع الجرائم التي اهتز لها الرأي العام الجزائري عام 2019.
وتعود تفاصيل الحادثة إلى شهر أكتوبر من عام 2019، حيث استيقظ سكان ولاية ورقلة على خبر ذبح مؤذن المدينة لزوجته الحامل، وذلك بعد 12 سنة زواجا، أنجبا خلاها 4 أطفال.
وقد حاول الجاني الهروب بفعلته، وادعى حينها أنه مصاب بخلل عقلي وأنه يعالج من أمراض نفسية
وعقلية، إلا أن التحقيقات أثبت أنه كان يتمتع بصحة عقلية جيدة وأن الجريمة قام بارتكابها مع سبق الإصرار والترصد.
وجاء يوم الاثنين لتثبت محكمة الجنايات بولاية ورقلة، جنوبي الجزائر العاصمة، إدانته بعقوبة الإعدام على الرجل الذي يبلغ من العمر 42.
وحسب ملف القضية فإن الجاني قام بذبح زوجته في غرفة النوم، وأخفى السكين بعدما وجه لها 4 طعنات قاتلة، ثم خرج من البيت بشكلٍ عادي واستبدل ملابسه،وكأن شيئا لم يحدث.
وقد فتحت السلطات الأمنية تحقيقا فور اكتشاف الجثة،وتم توجيه إصابع الإتهام للزوج، ليتم عرض ملف الجاني على غرفة الاتهام، الذي أنكر التهم المنسوبة إليه، وادعى أنه مصاب بمرض عقلي وأنه مريض بضيق التنفس وأمراض مزمنة أخرى، غير أن التقرير الطبي فند زعمه، واعتبرت النيابة قضية الادعاء بالمرض، مجرد حيلة للتملص من العقوبة.
وفي الأخير اعترف الجاني بجريمته، مشيرا إلى أنه قام بإخراج أطفاله من الغرفة كي لا يشاهدوا الجريمة، ثم عاد للضحية ووجه لها 4 طعنات، في جهات مختلفة من جسدها وقام بذبحها بواسطة سكين رغم أنها حامل، وهذا بسبب خلافات حادة ومستمرة بينهما.
وعرف الرجل في منطقته من خلال صوته، حيث كان يقوم برفع الأذان بشكل تطوعي، وكان دائم التردد على مسجد المدينة.
ويؤكد المحامي عمر فاروق سليماني لــ"سكاي نيوز عربية": "أن الإدانة راجعة إلى كون الضحية حامل بتوأمين كما أن الجاني ارتكب فعلته مع سبق الإصرار والترصد، كما أن خبراء الصحة العقلية أثبتوا أنه كان يتمتع بكامل قواه العقلية أثناء إرتكابه للجريمة" مشيرا إلى أن هناك احتمال قانوني كبير جدا لتأييد الحكم أمام محكمة الجنايات الاستئنافية.
ورغم أن الجزائر لا تقوم بتنفيذ عقوبة الإعدام، حيث يتم تعويضها بالسجن المؤبد، إلا أن خبراء القانون يعتبرون أن الحكم جاء منصفا في الحالة، في إطار نبذ العنف عموما ولاسيما العنف الأسري الذي أصبحت ظاهرة منتشرة بشكل خطير في المجتمع.
وطرحت هذه القضية مسألة أخرى تتعلق بالمهن المقدسة ذات الرمزية القوية في المجتمع، وقال الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى الباحث بوزيد بومدين أن مهنة الإمام والمؤذن لم تعد من الرمزيات في المجتمع الجزائري كما كانت في السابق.
وقال بوزيد لـ"سكاي نيوز عربية": "في السنوات العشر الأخيرة أصبحنا نسمع عن تورط الإمام في قضية المخدرات، وعن سرقات لصندوق الزكاة، وقد ساهمت وسائط التواصل الإجتماعي في نزع تلك الحصانة عن مهنتين أساسيتين في المجتمع وهما مهنة الإمام ومهنة المعلم".
ويرى بوزيد أن الحكم بالإعدام على مؤذن ولاية ورقلة في هذه القضية، لن يكون له أي تأثير على صورة تلك المهنة لدى المجتمع وقال: "قد يستغرب المواطن ذلك ولكن ليس إلى حد التأثر بشكلٍ قوي، فالمواطن اليوم في الجزائر ينظر إلى مهنة المؤذن والإمام بصفتهم مواطنين عاديين".
س نيوز