أقبح شيء في هدا الوجود هو ان تكون موظفا مقبوضا عليك من الثامنة الى الرابعة أو الخامسة عصرا , بينما تمر أشياء جميلة خارج مقر عملك لن تراها....حياتك كاملة ستمر في هذه الدوامة ..لن تستطيع التغيب الا بإذن ولن تأخذ عطلة راحة الا برخصة وإذا مرضت لن يصدقك أحد حتى تدلي بشهادة طبية .
وأحيانا لن يصدقوا حتى مرضك البادي على وجهك فيرسلونك الى الفحص المضاد .لن تتمتع بنوم الصباح ..لن تتمتع بشبابك ورجولتك ستَتِيهُ وسط حروب تفرضها طبيعة شغلك ..ستجري عبر وسائل النقل لتكون حاضرا في الوقت الذي حددوه لك ...ستعيش على أعصابك متوترا .تستهلك أقراصا مقوية وأخرى ضد التوترات العصبية...ستظل تتمنى وتنتظر الزيادة في الأجور وترقيات الرتبة والسلم..... وتتابع الحوارات الاجتماعية والنقابات .......لن يسمح لك بالمغادرة الا بعد ان تقضي 30 سنة في هذه الدوامة أو عندما تبلغ حد السن القانوني..
سيَحتَفل بك ....وبنهايتك.... وقرب موتك زملاؤك في العمل... يقولون كلمة وداع في حقك ...سيبكي البعض ليس عليك بل على حالهم الذي يشبه حالك ..سيمنحك رئيسك المباشر شهادة وهدية بلا قيمة هي مجرد عزاء امام حياتك التي سرقت منك ..ستعود الى البيت صامتا ...وفي صباح أول يوم من تقاعدك ستنتبه أن الاولاد رحلوا عن البيت وأن شريكة حياتك هرمت وغشي الشيب رأسها ,ستتمعن فيها وتتساءل متى وقع كل هذا؟
حينها سينادي المنادي فيك ...ان الوظيفة تسرق الأعمار بلا فائدة...سيعاتبك ضميرك آخر عتاب
..لماذا لم تغادرها وأنت في كامل طاقتك لتستمتع بجمال زوجتك وابنائك وبالحياة ....ستجيب نفسك في آخر إعلان هزيمتك ... لم تكن لدي الإمكانيات ولم يكن لدي خيار ثاني ... ستستسلم آخر استسلام ...ستركن الى النوم ستصاب باليأس والاكتئاب وتبدأ رحلة علاجاتك سترحل دون ان يعلم احد بموتك .فمن عاش حاني الرأس يموت دون مقاومة ........بينما سيتقدم العديد من الشباب بعد رحيلك الى مباراة تخص نفس وظيفتك وسيحلمون كما كان حلمك وانت في أوج شبابك...فتتكرر المأساة بينما ...حياتك وحياتهم الجميلة لن تتكرر.
إن الوظيفة عبودية وحكم بالاعدام لكل موظف
الأستاذ / محمد ابو جديد