قلبي مجنون، صمد 25 عاماً، أمام كلمات الهيام، لكن فجأة تهاوى كالرمال، واجتاحت كلمات شاب دافئة كل تحصيناته، فرفع راية الاستسلام، عبثاً حاولت أن أهرب من هذا الطوفان الذي اجتاحني مثل الإعصار، حتى لا أسقط في دوامة الإعجاب به، لكن المصادفة التي قادتني للتعرف إليه عن طريق الانترنت، جعلتني أتعلق به كثيراً، بل وأصبحت أخطط معه للقاء يتوج هذه العلاقة بالزواج.
سأروي لكم حكايتي من البداية، وقد كتبت كل كلمة فيها، بمشاعري، فأنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاماً، قضيت حياتي خلف الأبواب المغلقة، اهتم بدراستي فقط، ولم أترك ثغرة في فؤادي تنفذ منها سهام الإعجاب بأي شاب، ومضت السنوات سريعاً كقطار ليس له محطات، لا يعرف التوقف، حتى حققت حلمي وأمل أسرتي في دخول إحدى كليات الطب المرموقة في الخارج.
سارت حياتي على الوتيرة نفسها، وأنا أرفض الدخول في أي علاقة، حتى شاءت الأقدار أن أتعرف إلى شاب عن طريق المصادفة، وأؤكد أنها المصادفة البحتة، والتي كانت عن طريق أحد مواقع «الشات»، عرفت أنه من بلدي، لكنه يعمل مهندساً معمارياً في دولة خليجية ، وأن عمره 34 سنة.
كنا نتواصل من خلال الانترنت، في أوقات نتفق عليها، أو من خلال الهاتف، حيث أدمنا الحديث اليومي، لدرجة أصبحنا نعرف تفاصيل حياتية كثيرة عن بعضنا، وعرفت ماذا يحب، وماذا يكره، أسرار كثيرة كشفتها عن نفسي، وحدثني كثيراً عن أموره الشخصية، من خلال المحادثة اليومية، لدرجة أدمنا فيها التواصل، وكنت أضفي عليه الكثير من الخيال، وأفكر في اليوم الذي سألتقي به بشكل واقعي، وبالحجم نفسه كان هو شغوفاً للقائي، وربما كانت رغبته في لقائي أكبر .
أصبح يعرف الكثير عني، وأهلي وأخوتي وظروف كثيرة نعيشها، إضافة إلى أننا أصبح يدعو بعضنا بعضاً للقراءة، قراءة الكتب التي تعجب أحدنا، وأحيانا كنت أدعوه أو يدعوني لرؤية فيلم على الفضائيات، لنتناقش في اليوم التالي عنه. وكلما هب صوته في صحراء فؤادي الجرداء، حولها إلى حقول خضراء.
بعد ذلك بدأ يلح علي أن تكون إجازتنا السنوية إلى بلدنا في نفس الشهر، لهذا كنت سعيدة وأنتظر الإجازة بفارغ الصبر، وأشعر بأن قلبي سيقفز من صدري، ليتراقص فرحاً عند لحظة اللقاء المرتقب، ولذا كان الحديث بيننا ينتقل إلى التخطيط لأيامنا المقبلة، سنلتقي ونخطط للخطبة، من أجل سعادتنا وحدنا.
بدأت بيننا علاقة، وكبرت قصة حبي مع مرور الوقت، وجدته شخصا محترما لأبعد الحدود، ووعدني بأنه سيتقدم لخطبتي أثناء الإجازة، فقضيت الأيام والليالي وأنا هائمة في الأحلام، واستمرت العلاقة من خلال الانترنت نحو السنة.
وعندما سافرت إلى بلدي، وحانت لحظة اللقاء، كنت اسمع دقات قلبي تعلو كالطبول، وجاء اليوم الموعود الذي قابلته فيه، وكان هذا بعلم والدتي، ولكن حدث شيء غريب جداً؛ شعرت حين تقابلنا في المرة الأولى بحالة من النفور، أحسست أنه غريب عني تماما، ولم أشعر تجاهه بأي ارتياح، ومع ذلك قلت سأعطي نفسي فرصة أخرى. فعلا التقينا أكثر من مرة من خلال زيارته لنا، وبحضور الأهل، وجدت نفسي غريبة تماما عن كل الحالة التي دخلت بها، لهذا طلبت منه تأجيل كل مشروعات الخطبة وعقد القرآن، لأنني فعلا لم أشعر تجاهه إلا بالنفور، حاول أهلي إقناعي، كونه مهندساً، ومن أسرة راقية، لكنني رفضته، مؤجلة اتخاذ القرار، إلى فترة زمنية أخرى، فقد اكتشفت أن قصة حبي له، وزواجي منه، ما هى إلا وهم جميل.
أعترف لكم بأنني عشت مع كلماته أسعد أيام حياتي، ولم انتظر هذه النهاية الحزينة، والفراق بعد اللقاء فهل ظلمته بهذه العلاقة، أم ظلمت نفسي؟ ولماذا عشت كل هذا الوهم بأنني أحبه؟، لم أعد أدري ما أفعله، لأنه بقي مواصلا اتصالاته لي، مؤكدا أنه لن يستغني عني لا من خلال «الدردشة عبر الانترنت»، ولا من خلال الحياة، فكبر الخوف داخلي، لأنني بدأت أعيش حالة غريبة بعد أن قلت له حقيقة مشاعري، لا أدري لماذا لم تعزز رؤيتي له الحلم الذي حلمته، والحالة التي عشتها، علما بأنني أعي ما أقوم به، كوني على أبواب التخرج من كلية الطب؟
أختكم فاطمة