شاب يكتب عن ليلة مأساوية مع المستشفيات في انواكشوط ويختم مقاله بكلمة..نذيرو ولي ولل لا تولي ..الصحة فاشلة
سلام :
كتب لى صديقي أحمد الحسن القصة التالية التي كان شاهدا على تفاصيلها
مأساة حقيقية من داخل مستشفياتنا :
المستشفيات فجرا
يوم أمس إستيقظت سحرا على جلبة و صياح و عويل،خرجت فزعا من البيت فإذا بجارتنا العجوز تصيح من فرط الألم بسبب دخول حشرة في أذنها. بائت كل المحاولات التقليدية من قبيل صب الماء داخل الأذن بالفشل.فأغتديت و الطير في وكناتها بيابانية سابح قاصدا العاصمة نواكشوط . كان تخوفي الأكبر أن تمنعنا قوات الأمن من المرور لكنها كانت و الحق يقال على قدر كبير من التفهم و سهَّلت لنا المرور بشكل سريع .وصلنا إلى مستشفى الشيخ زايد فوجدنا قسم الحالات المستعجلة قد خُصص للمشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا و تم إرشادنا من قبل الحارس لقسم الطوارئ الجديد .دلفت إلى القاعة الرئيسة ، حسبتها خاوية عند أول وهلة، لكني لمحت في أحد أركانها كتلة بيضاء على شكل إنسان ممددة على سرير ، فقلت ” السلام عليكم” كررتها مرارا فتحركت الكتلة، بعد هنيهة، قالت ما المشكلة ؟ فشرحت لها الوضع فردت ليست عندنا الأدوات الضرورية إذهب إلى مركز الإستطباب الوطني.وصلنا إلى ” الطب لكبير ” بسرعة فالشوارع خاوية، قصدنا باب قسم الحالات المستعجلة فوجدناه مغلقا بإحكام ، دخلنا من الباب الرئيس للمستشفى و توجهنا إلى القسم من باب آخر. وصلنا أخيرا ، لم نجد سوى المراجعين ، أين الطبيب ؟ نائم .أين الممرض؟ نائم . بعد دردشة مشبعة بالإحباط مع أحد المراجعين إهتدينا إلى دق باب إحدى الغرف ليخرج إلينا بعد برهة رجل ناعس مكفهر الوجه يحاول وضع كمامة على منافسه ، قائلا ماذا تريدون؟ أخبرناه القصة ، فحك شعر رأسه و قال إذهبوا إلى قسم الأذن و الأنف و الحنجرة لعلكم تجدون أحدا هناك .قصدنا القسم المذكور فوجدنا أبوابا موصدة و أسرة مهملة و أسرابا من الباعوض الشرس و أفواجا من القطط. ما العمل ؟ حيرة و إحباط و العجوز تصيح . لكن فرج الله قريب. بينما نحن نكيل عبارات الذم و الشتم لمنظومتنا الصحية أقبل شخص يرتدى بذلة طبية خضراء قائلا ألست فلانا ؟ قلت له نعم ، قال أنا إبن جيرانكم في نواذيبو ، تذكرته بصعوبة فقد غادرت نواذيبو و هو صغير . قادنا جارنا إلى غرفة في آخر الرواق و بدأ بدق الباب مناديا بصوت عال دكتور / كيتا ، دكتور / كيتا. خرج الدكتور / كيتا و قابل زميله بترحاب صادق رغم أنه بادي الإرهاق .أدخلنا الدكتور إلى قاعة الفحص و أمرني بإحضار قارورة من الماء المشبع بالأوكسجين. سارعت الخطى إلى صيدلية المستشفى و بعد تكرار السلام إستيقظت المشرفة و قالت بصوت منزعج الشبكة معطلة و بالتالي لا يمكنني بيع الدواء . خرجت من المستشفى ، لا صيدليات هناك الكل مغلق ، وقفت حائرا أفكر في حل. ذهبت إلى مستشفى العظام و الحروق كانت الصيدلية مفتوحة لكن أمين الصندوق لم يكن موجودا. تفهمت المشرفة على الصيدلية وضعيتي و قالت دع الفاتورة و المبلغ عندي و سأسلمه للأمين . شكرتها و عدت بالقارورة إلى ” الطب لكبير “.صب الدكتور / كيتا قطرات من الماء المشبع بالأوكسجين في أذن العجوز قائلا بأن ذلك كفيل بقتل الحشرة .بعد دقائق أدخلنا في قاعة فحص بها معدات و شاشات و بدأ في عملية شفط محتويات أذن العجوز ، فجأة صاح الجميع”ذوكو”.
الحمد لله لقد خرج “الخنفوس”الصغير . و إنتهت المأساة ب”آح”صادرة من أغوار أعماق العجوز .
هذه المغامرة جعلتني أفكر كثيرا في منظومتنا الصحية و تعامل قسم الحالات المستعجلة مع الحالات المستعجلة و كيف يمكن لشبكة أكبر مستشفى في البلاد أن تتعطل لعدة أيام ؟ و هل من المقبول أن يمنع ذلك بيع الأدوية ؟
ولي أو لا تولي … الإصلاح لحد الآن مفقود، مفقود مفقود…
من صفحة
الصحفي
زايد
اخبار الوطن