من غير المحتمل أن تكون فايزر وشريكتها الألمانية بيونتيك، تعمدتا إخراج ترامب مهزوما من البيت الأبيض.
وكان الرئيس المنتهية ولايته، راود الشركتين على شرفهما المهني، وألح، قبل أن تثبت التجارب على لقاح كورونا نجاعته، الإعلان عنه مبكرا، لأغراض دعائية.
رفضت الشركتان، عرض ترامب المغري ماليا، حتى تأكدتا من فعالية المصل، بنسبة 90 بالمئة على قرابة أربعين ألف متطوع، خضعوا لشهور للتجربة.
دونالد ترامب الابن، شكك، على عادة والده، بتوقيت إعلان اللقاح، مع انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية، منوها بأن الهدف، حرمان "أبو إيفانكا" من قصب السبق في تلقيح البشرية!
في نفس الوقت، يواصل ترامب الأب، بمعونة محاميه، حملة لا هوادة فيها، لمقاضاة المراكز الانتخابية في عدد من الولايات التي قلب فيها الناخبون للرئيس الجمهوري ظهر المجن.
وعاد ترامب ليشغل الرأي العام بتغريدات سيالة، تنال من "المتآمرين" على ولايته الثانية المختطفة.
وما أنه تم الإعلان عن لقاح فايزر، حتى ارتفعت الأسهم في البورصات، وانتعشت الأسواق، وانفرجت أمزجة الناس، في انتظار اللقاح الذي يرى فيه المتحمسون، مفتاحا يحرر المجتمعات من زنزانات الحجر الصحي، أو هكذا تتصور غالبية المتطلعين للمصل المعجزة.
خلال شهور، القلق، والخوف، والترقب، وفراق الأحبة، ومشاهد الموت، تلقح الوعي الجمعي لمختلف الشعوب، بهاجس العدو غير المرئي، وتفتقت العقول، عن تفسيرات، غاية في الغرابة، حول الجائحة التي التهبت بدءا، في الصين، وانتشرت حرائقها في العالم، فقضت على مئات الألوف، وأصابت الملايين، واختفت فجأة من الصين.
لعبت، تغريدات ترامب، وتصريحات قادة في إفريقيا، وأميركا اللاتينية، وتنجيم أبو علي الشيباني، العراف و"المحلل الاستراتيجي، و"الخبير بالشؤون الدولية"، وإجمالا " بتوع كله" على قناة عراقية محلية، دورا في تهييج نظرية المؤامرة حول كورونا.
وليس عبثا، أن إحدى وصفات أبو علي الشيباني، لمواجهة الجائحة، هو البخور. تماما مثلما يبخر ترامب لنظرية التآمر على الولاية المخطوفة التي كان يمكن الفوز بها، لو أن الشركتين الأمريكية فايزر والألمانية بيونتيك أعلنتا عن المصل، يوم الإثنين، الأخير، قبل الثالث من نوفمبر/ تشرين ثاني، موعد التصويت المباشر في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي خسرها ترامب بفارق ضئيل أمام: كورونا، والملونيين الذين استرخص حياتهم، واللاتينيين المحشورين خلف الجدار، والمسلمين المذلين المهانين، واليهود الليبراليين، والانتلجينسيا الأمريكية الخجولة من تصرفات رئيس، تشنف أقواله، آذان أبناء الأرياف، وتعد نشازا لدى قطاعات واسعة من أبناء المدن والطبقة المتوسطة.
ولم تشفع الإنجازات الاقتصادية التي تحققت خلال ولايته، في تحقيق الفوز المؤزر.
لقد تآمر ترامب على نفسه، وفتح باب الخروج من البيت الأبيض، بركلة، حمار، شعار خصومه الديمقراطيين، فيما كان على مدى أربع سنوات فيلاً في مخزن للخزف الصيني، يهشم كل ما في طريقه.
سلام مسافر