الوظيفة تسرق الأعمار بلا فائدة(أفضل مقال هذه الأيام)

خميس, 08/10/2020 - 13:33

اقبح شيء في هدا الوجود هو ان تكون موظفا مقبوضا عليك من الثامنة والنصف الى الرابعة والنصف بعد الزوال بينما تمر أشياء جميلة خارج مقر عملك لن تراها....حياتك كاملة ستمر في هذه الدوامة ..لن تستطيع التغيب الا بإذن ولن تاخذ عطلة راحة الا برخصة وإذا مرضت لن يصدقك أحد حتى تدلي بشهادة طبية .واحيانا لن يصدقوا حتى مرضك البادي على وجهك فيرسلونك الى الفحص المضاد .لن تتمتع بنوم الصباح ..لن تتمتع بشبابك ورجولتك ستتيه وسط حروب تفرضها طبيعة شغلك ..ستجري عبر وسائل النقل لتكون حاضرا في الوقت الذي حددوه لك ...ستعيش على أعصابك متوترا .تستهلك اقراصا مقوية وأخرى ضد التوترات العصبية...ستظل تتمنى وتنتظر الزيادة في الاجور وترقيات الرتبة والسلم..... وتتابع الحوارات الاجتماعية والنقابات .......لن يسمح لك بالمغادرة الا بعد ان تقضي خمسة وعشرين سنة في هده الدوامة أو عندما تبلغ حد السن ..سيحتفل بك ....وبنهايتك.... وقرب موتك زملاؤك في العمل... يقولون كلمة وداع في حقك ...سيبكي البعض ليس عليك بل على حالهم الدي يشبه حالك ..سيمنحك رئيسك المباشر شهادة وهدية بلا قيمة هي عزاء امام حياتك التي سرقت منك ..ستعود الى البيت صامتا ...وفي صباح أول يوم من تقاعدك ستنتبه أن الاولاد رحلوا عن البيت وأن شريكة حياتك هرمت وغشى الشيب رأسها تتمعن فيها تتساءل متى وقع كل هدا
حينها سينادي المنادي فيك ...ان الوظيفة تسرق الأعمار بلا فائدة...سيعاتبك ضميرك آخر عتاب
..لماذا لم تغادرها وأنت في كامل طاقتك لتستمتع بجمال زوجتك وابناءك وبالحياة ....ستجيب نفسك في آخر إعلان هزيمتك ... لم تكن لدي الإمكانيات ولم يكن لدي خيار تاني ... ستستسلم آخر استسلام ...ستركن الى النوم ستصاب بالياس والاكتئاب وتبدأ رحلة علاجاتك سترحل دون ان يعلم احد بموتك .فمن عاش حاني الرأس يموت دون مقاومة ........بينما سيتقدم العديد من الشباب بعد رحيلك الى مباراة تخص نفس وظيفتك وسيحلمون كما كان حلمك وانت في أوج شبابك...فتتكرر المأساة بينما ...حياتك وحياتهم الجميلة لن تتكرر.
الأستاذ / محمد ابو جديد

  

         

بحث