تعتبر شركة تمور موريتانيا في أطار أول مؤسسة وطنية متخصصة في حفظ وتعليب وتسويق التمور والخضروات، وهي بادرة تستهدف تحسين النشاط الاقتصادي المرتبط بسكان الواحات واستغلال المنتج المحلي وترقيته والاستفادة من جودته وتوظيفه وفق الاحتياجات الوطنية خدمة للمصلحة العامة بما يتناسب مع معايير السوق الإقليمية والدولية.
ولتسليط الضوء على هذه المؤسسة، من حيث النشأة والأهداف والوسائل، قام مكتب الوكالة الموريتانية للأنباء بإجراء لقاءات مع عدد من المسؤولين المعنيين بهذا الملف، تمكن من خلالها من رصد واقع المؤسسة وآفاق تطورها.
وفي هذا السياق أكد المدير العام لشركة تمور موريتانيا السيد سيدنا ولد سيدي محمد أن الشركة أنشئت منذ سنتين بهدف تحسين تنافسية التمور الوطنية في وجه منافسة التمور المستوردة وتوفيرها بجودة عالية طيلة أشهر السنة وتوجيه الاستثمارات الخصوصية في المجال الزراعي وترشيد الحصاد المحلي وتثمينه واستغلاله من الناحية التجارية والاقتصادية مع زيادة القيمة المضافة للإنتاج الواحاتي وخلق فرص عمل جديدة لصالح شباب المنطقة وتنمية وتطوير القدرات الوطنية في مجال المنتجات الزراعية.
وبين أن المؤسسة تنتج أصنافا ممتازة من التمور والخضروات عالية الجودة، يتم انتقاؤها من واحات آدرار تشمل التمور الرطبة المجمدة (التكلاع) من صنفي الأحمر وسلمدينة، والتمور الناضجة (الكيطنة) من أصناف الأحمر وسكاني وتجب ومحصول الجزر(كاروت آدرار).
وأضاف أن عمليات الإنتاج تتم بأحدث المعدات الصناعية وطبقا لمعايير الجودة العالمية بإشراف أطر فنية ذات كفاءات عالية في هذا المجال، موضحا أن مؤسسته تتوفر على مصنع يمتد على مساحة( 2674) متر و بسعة تخزين تبلغ(500) طن ويحتوي على أربع غرف للتبريد وغرفتين للتجميد وورش عمل للفرز والمعالجة والتعليب.
وأوضح المدير أن رأسمال الشركة يبلغ (160529640) أوقية جديدة ويتمثل في الاستثمارات التي قامت بها الوزارة الوصية عبر برنامج التنمية المستديمة للواحات بمبلغ(120529640) أوقية جديدة، بالإضافة إلى(40000000) أوقية جديدة بتمويل من صندوق الإيداع والتنمية.
وأشار إلى أن الشركة ستستمر، خلال الحملة الحالية للموسم 2020 في شراء التمور من أصحاب الواحات اعتمادا على درجة جودتها وذلك من أجل زيادة حصتها في السوق الوطنية من خلال تحسين جودة منتجاتها مع خفض تكاليف الإنتاج وتوسيع شبكة التوزيع إلى الأسواق الداخلية.
وقال المدير العام للشركة: " أعلق آمالا عريضة على الشركاء المحليين في ولاية آدرار خاصة منتجي التمور من أجل توفير التمور المستوفية لمعايير الجودة بغية زيادة تنافسية التمور الوطنية مقابل التمور المستوردة"، مبينا أن ذلك سيشجع توسيع نشاط الشركة و استمراريتها، وزيادة مساهمة الدولة في دعم وحماية منتجات الواحات.
وبدوره أعرب رئيس اتحاد الرابطات الواحاتية في آدرار السيد سيدي ولد أحمد عن ارتياحه لمستوى خدمات شركة التمور، مطالبا بتنمية وتشجيع المنظمات الناشطة في المجال الواحاتي من أجل تحقيق النهضة المنشودة في هذا المجال، خصوصا في ظل قسوة الطبيعة والتحديات المرتبطة بالتنمية بشكل عام وتنمية الواحات بشكل خاص نتيجة ندرة المياه وانتشار ظاهرة الهجرة إلى المدن واتساع دائرة الفقر في المجتمع.
وأضاف أن الواحة تشكل أهمية قصوى بالنسبة لسكان آدرار نتيجة لعدة اعتبارات ترتبط بتاريخ المنطقة وجغرافيتها، فضلا عن دورها المحوري في توفير ظروف العيش الكريم وتثبيت السكان في أماكنهم الأصلية وتعزيز مقومات التنمية المحلية لما تدره من موارد اقتصادية وفوائد متنوعة.
وأكد أن الدولة تدرك أهمية الواحات في الرفع من المستوى الاقتصادي للبلد، الشيء الذي تبلور في استحداث هذه الشركة لتحقيق العديد من الأهداف التنموية، مطالبا بضرورة الاهتمام بالمزارعين والمزودين بغية المساهمة الفاعلة في تحسين الدورة الاقتصادية على المستوى المحلي خدمة لمصلحة الساكنة.
ومن جهته، بين رئيس المجلس الجهوي لجهة آدرار السيد يحيى ولد عبد القهار أن هذا المصنع يضطلع بدور كبير في مجال تطوير الجهة وإنعاش اقتصادها من خلال سياسة دعم أصحاب الواحات عبر شراء المنتج وتأمين تسويقه كمادة مصنعة تعود بالنفع الوفير على عموم المواطنين.
وقال:" لا يخفى عليكم أن جهة آدرار تعتبر منطقة زراعية بامتياز لما تزخر به الولاية من واحات النخيل ومساحات زراعية شاسعة، حيث تعتمد الساكنة بشكل أساسي على النشاط الزراعي لتأمين متطلبات الحياة وخاصة إنتاج التمور والخضروات"، مطالبا بضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الزراعي انسجاما مع رؤية رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
وثمن رئيس المجلس الجهوي لجهة آدرار دور الشركة الفعال في المساهمة في تنمية الولاية من خلال ما توفره من فرص عمل وما لها من انعكاسات ايجابية على المزارعين من خلال تصريف الإنتاج وخلق قيمة إضافية تساهم في الرفع من المستوى المعيشي للساكنة.
أما أحمد سالم ولد بكار، وهو أحد المزودين الرئيسين للشركة، فيرى أن المصنع كان مطلبا ملحا لأصحاب الواحات في آدرار لما له من انعكاسات ايجابية عليهم، مبينا أنه يقوم منذ سنتين بتزويد الشركة بالتمور عن طريق جلبها من واحة (تنلبه) الواقعة في مقاطعة وادان، حيث يوفر للمصنع طن ونصف من التمور كل يومين لمدة شهر تقريبا ويتقاضى مستحقاته من خلال مخالصة مصرفية شفافة.
وقال"إن نوعية التمور التي نوفرها ممتازة، لله الحمد، مما يؤهلها للاعتماد من طرف الشركة، وهي تضم مختلف أنواع التمور بما في ذلك (الأحمر) و (السكاني) و (انتركل) و(اتنيكرظم)".
وذكر بأن مقاطعة وادان كغيرها من مقاطعات الولاية تتميز بكثرة الواحات وتنوع الإنتاج وجودته، حيث تحتوي واحة وادان المركزية لوحدها أكثر من (40) نخلة، وتتوفر واحة (تنلبه) على أكثر من(20) ألف نخلة تنتج سنويا ما يزيد على(222) طنا من التمور ذات الجودة العالية.
وأضاف أن هناك أيضا العديد من الواحات المحيطة بمقاطعة وادان من كل الاتجاهات مثل واحة (انوج) وواحة (مايعتك) وواحة (اغماكم) وهي واحات تزود المصنع بالتمور الجيدة لتساهم بشكل مباشر في استمرارية نشاطه وبالتالي تساعد في تنويع منتجاته وتحسين أدائه.
وأوضح أحمد سالم ولد بكار أن ندرة المياه كانت ومازالت تشكل أكبر عقبة في طريق التنمية في ولاية آدرار بشكل عام ولأصحاب الواحات بشكل خاص، مضيفا أن هناك دراسة تم القيام بها خلال الفترة الأخيرة من طرف مشروع الواحات تتعلق بإمكانية بناء سد كبير في وادان من شأنها حال تمويلها أن تساهم في حل معضلة المياه وتساعد في إنعاش النشاط الزراعي بشكل عام وزراعة الواحات بشكل خاص.
وحث ولد بكار أصحاب الواحات على التوجه لتزويد الشركة بالتمور بغية الرفع من إنتاجيتها لضمان استمراريتها، مذكرا ساكنة الولاية بأن المصنع كان يشكل مطلبا ملحا لهم، وبالتالي فإن المحافظة عليه واجب تمليه الحاجة وتفرضه المسؤولية ويحميه الحس الوطني والوازع الديني والأخلاقي، وأن ذلك يمر حتما عبر تزويده بالمواد الأولية لتعزيز إنتاجيته وتعميق دوره بغية تنشيط الساحة الاقتصادية والاجتماعية والسياحية للولاية.
وأبرز العمدة المساعد لبلدية أطار أهمية شركة تمور موريتانيا من خلال ما تتمتع به من قيمة كبيرة في الأوساط المحلية نظرا لما توفره من خدمات تنموية مهيبا في هذا الصدد بجهود مكتب الوكالة الموريتانية للأنباء في سبيل إنارة الرأي العام حول مجمل القضايا التنموية في الولاية.
وأشار إلى أن الشركة تمكنت خلال فترة شهر رمضان المبارك من توفير مادة التمور للساكنة بأسعار تنافسية، حيث باعت كيلو غرام التمر الجيد بـ(1400) أوقية قديمة والمتوسط بـ(1000) أوقية قديمة والعادي بـ(800) أوقية قديمة، وذلك من خلال نقاط بيع تم فتحها في مدينة أطار.
وطالب بضرورة التفاعل الإيجابي مع الشركة من خلال تزويدها بالكميات الكافية لضمان استمرارية إنتاجيتها، معربا عن أمله في أن تقوم الدولة بمساعدة الشركة عن طريق تشجيع الإنتاج الوطني على حساب الإنتاج المستورد .
وأجمع الباعة في سوق التمور بأطار على أهمية دور المؤسسة المحوري في إنعاش سوق التمور في الولاية من خلال تصريف المنتج وتسويقه والرفع من قيمته المضافة، مطالبين بضرورة الاهتمام أكثر بأصحاب الواحات عبر توفير الظروف المناسبة للزراعة، بما في ذلك توفير المياه لسقاية النخيل، وتوزيع السياج بشكل عادل بين المزارعين، وخلق إطار قانوني وتنظيمي يشجع على الاستثمار في هذا المجال...