في أحد البيوت الهادئة المستقرة ,كان هناك زوج وزوجة يعيشان حياة سعيدة ومستقرة، وذات يوم رجع الزوج من عمله مبكرا ليُبلغ زوجته أنه قد اشتاق إلى أهله وإخوته وأخواته وأولادهم كثيراً ,وأنه قرر أن يدعوَّهم لتناول طعام الغذاء غداً في المنزل ، وطلب منها أن تُحضِّرَ ألَذَّ وأفخم أنواع الطعام التي تليق بأهله.
بدا على وجه الزوجة الإنزعاج و قالت بتأفّفٍ : خيرا إن شاء الله ، ولم تُجبهُ بأكثر من ذلك، حاول هو ان يتجاهل تلك الحركات التي أظهرتها زوجته , والتي تنمّ عن عدم ترحيب بأهله , وقال لها ببساطة : إذاً سوف أتصل بأهلي حتى أؤكد عليهم ضرورة حضورهم وليمة الغداء غداً، فقالت الزوجة بابتسامة ساخرة ـ وقد خطرت على بالها فكرة شريرة ـ : حسناً يا عزيزي افعل كما تحب.
وفي صباح اليوم التالي ذهب الزوج إلى عمله كعادته ، وفي تمام الساعة الواحدة ظهراً رجَع إلى المنزل مسرعاً وسأل زوجته : ماذا طبختم اليوم وأعددتم لعائلتي فهم على وشك الوصول ، وسيكونون هنا في خلال ساعة، فقالت الزوجة : لم أطبخ شيئاً، فأهلُك ليسوا غرباء والبيت بيتهم , ويمكنهم أن يتناولوا طعام الغداء معنا , أي يشاركونا غداءنا العادي.
ثار الزوج في غضب مصطنع وقال لها : سامحك الله كيف لم تقومي بإعداد غداء يليق بأهلي وقد أعطيتك مبلغا كبيرا من أجل ان تجهزي لهم كل ما لذّ وطاب , ألمْ أقل لك أن أهلي قادمون لتناول طعام الغداء وأن عليك أن تقومي بتحضير ما يليق لأجلهم خاصة وأنهم لم يزوروننا منذ وقت طويل ، الآن هم على وشك الحضور فماذا أفعل ؟
قالت الزوجة في برود : يمكنك أن تتصل بهم الآن وتعتذر لهم وتقول إن إدارتك كلفتك بعمل عاجل ولا تستطيع الحضور اليوم ، فهم أهلك وليسوا بغرباء , فنظر إليها في غضب مفتعل , ثم غادر المنزل دون أن يقول كلمة أخري.
بعد قليل من خروجه سمعت الزوجة باب المنزل يطرق، فقامت في تباطؤ وتثاقل ظناً منها أن أهل زوجها قد جاءوا , لكنها فوجئت بأهلها وأخواتها وأولادهم يدخلون البيت .
وقفت متسمِّرة في مكانها غير قادرة علي التحرك من الدهشة، رحّبت بهم على خجل وأدخلتهم الى الصالون , فسألوها عن زوجها فاعتذرت لهم أنه غير موجود وخرج قبل قليل، فتعجبوا من ذلك وسألوها : لقد دعانا زوجك البارحة إلي طعام الغداء، فكيف يعزمنا بنفسه ثم يغادر المنزل ؟.
صُعقت الزوجة من كلام أهلها وبدأت تفرُك يديها في توتر , محتارة , ماذا تقول لأهلها وماذا تقدم لهم فإن الطعام الموجود بالمنزل لا يليق أبداً بأهلها ولا يكفيهم ولا يمكنها أن تقدمه لهم .
اتصلت بزوجها على الفور وسألته في غضب : لماذا لم تُخبرني بأنك قد دعوت أهلي أمس لتناول طعام الغداء ، فقال لها في برودة اعصاب وسخرية : اهلي هم أهلك , وأهلك هم أهلي ,لا فرق بينهم ، فقالت الزوجة : أرجوك أن تمرًّ على أحد المطاعم الفاخرة وتحضر معك طعاما جاهزا , فلا يوجد أي طعام في المنزل يمكن أن أقدمه إلى أهلي، فقال الزوج في بساطة : أنا الآن بعيد جداً عن المنزل , وهؤلاء أهلك وليسوا غرباء , يمكنك أن تقدمي لهم الطعام الموجود في المنزل مثلما كنت تريدين أن تقدميه لأهلي .
العبرة التي نخرج بها من القصة الطريفة هي أن الانسان يجب أن يعامل الآخرين بمثل ما يحب أن يُعامَل هو به , وأن احترام الزوج أو الزوجة لأهل زوجها أو العكس باعث على المودة والاحترام بينهما , والاستهزاء بالأصهار سلوك غير سويّ وغير أخلاقي , وينهى عنه الشرع وتأباه العادات والاعراف.
من إعداد وتنفيذ طاقم الجواهر