فوجئ العديد من الركاب في مدينتي رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية بأن سائق الأجرة الذي يقلهم من حي لآخر ليس سوى النائب السابق في المجلس التشريعي (البرلمان الفلسطيني) عبد الجابر فقهاء، وهو الذي أمضى نحو ثماني سنوات في سجون الاحتلال.
ويروي النائب السابق في حديثه للجزيرة نت كيف ضاق به وبعائلته العيش بعد وقف السلطة الفلسطينية راتبه إثر قرار الرئيس محمود عباس حل المجلس التشريعي نهاية العام الماضي.
وكان عبد الجابر (53 عاما) واحدا من 44 نائبا ضمن قائمة حركة حماس في المجلس التشريعي الذين أوقفت رواتبهم منذ بداية العام 2019، ولم يحصلوا على راتب تقاعدي بعد حل المجلس التشريعي أسوة بباقي النواب من الكتل الأخرى.
ومن بين النواب المقطوعة رواتبهم -حسب عبد الجابر- ثلاثة معتقلون في سجون الاحتلال، لا يحصلون على رواتب تقاعدية كنواب ولا على مخصصات أسرى. كما أن النائب المتوفى حامد البيتاوي من مدينة نابلس أوقف راتبه التقاعدي أيضا.
يقول عبد الجابر "من نائب في المجلس التشريعي إلى سائق أجرة الآن.. لحسن حظي كنت قد حصلت على رخصة قيادة عمومية منذ التسعينيات، وأنا أعيل أسرتي بالحد الأدنى".
وكان في السابق يعمل في التجارة قبل انتخابه نائبا عن منطقة رام الله في انتخابات عام 2006، ويقول إن العديد من النواب كانوا أطباء وأساتذة جامعات وغادروا وظائفهم بمجرد انتخابهم، ثم تعرضوا للاعتقال في سجون الاحتلال عقابا لهم على المشاركة في الانتخابات، فأصبحوا بلا وظائف ولا دخل بعد حل المجلس.
وقضى عبد الجابر ثماني سنوات في سجون الاحتلال خلال خمس مرات اعتقال بعد انتخابه، ويقول إنه لا يوجد نظام يحارب معارضيه بلقمة عيشهم مثل هذا.
وتوجه النواب المقطوعة رواتبهم إلى القضاء الفلسطيني للمطالبة بإعادة رواتبهم التي نص عليها القانون الأساسي، لكن ليست لديهم توقعات متفائلة بخصوص ذلك.
نواب القدس
رغم ذلك، يرى عبد الجابر أن الواقع الأسوأ يعانيه ثلاثة نواب من مدينة القدس انتُخبوا ضمن القائمة الإسلامية وحكمت إسرائيل بإبعادهم عن مدينتهم وسحب بطاقات هويتهم المقدسية، وهم يقيمون في منازل مستأجرة بمدينة رام الله، ومجبرون رغم وقف رواتبهم على إعالة عائلاتهم المقيمة في القدس.
ومن بين هؤلاء النائب المقدسي أحمد عطون الذي أفرج عنه من سجون الاحتلال قبل ثلاثة أشهر، ويقول إن راتبه قطع عندما كان معتقلا في سجن النقب، وفقدت عائلته مصدر دخلها، ولديه ثلاثة أبناء على مقاعد الجامعات.
وبسبب انقطاع راتبه، اضطر ابنه الأصغر الذي كان يدرس الهندسة إلى وقف تعليمه والتوجه إلى سوق العمل من أجل تأمين دخل لأشقائه وعائلته.
يقول عطون إنه توجه إلى هيئة شؤون الأسرى بعد الإفراج عنه للمطالبة براتبه، ليس كنائب بل كأسير أمضى 15 عاما في سجون الاحتلال، لكن الهيئة أبلغته بأن هناك تعليمات من وزارة المالية الفلسطينية بعدم الصرف.
وفي الأيام الأخيرة، تداول فلسطينيون مشاهد مصورة للنائب في قائمة حماس محمود الخطيب من منطقة بيت لحم وهو في عمر الثامنة والأربعين، وكان أصغر النواب سنا، وقد توجه إلى بيع سندويشات الفلافل كي يؤمن دخلا لعائلته.
ورغم حصوله على الماجستير في الفقه الإسلامي، قال الخطيب -وهو أب لسبعة أبناء- إنه مُنع من العمل كخطيب مسجد، إلى جانب اعتقاله عدة مرات في سجون الاحتلال. وفوجئ بعد حل المجلس التشريعي بقطع راتبه "بطريقة غير قانونية ولا تليق بنواب انتخبهم الشعب الفلسطيني".
المصدر : الجزيرة