لا تفوت محمد جميل منصور الرئيس السابق لحزب تواصل المحسوب على الإخوان المسلمين فرصة ليبادر باحتلال الساحة السياسية والإعلامية إلا نادرا.. ومن آخر الأحداث التي تحدث عنها، استقبال الرئيس محمد ولد الشيخ ولد الغزواني لشخصيات سياسية موالية ومعارضة، من بينها السيد احمد ولد داداه رئيس حزب تجمع القوى الديمقراطية المعارض.
ولم تحدد المصادر -لا جميل ولا غيره- هل الرئيس هو من دعا للقاء أم كان بطلب من المعنيين، ولا موضوعه. لكن الاحتمال الوارد أن ولد الغزواني كان صاحب المبادرة وأن اجتماعاته بالقوم كانت حول قضايا وطنية هامة، وهذا تطبيقا لتعهداته الانتخابية التي قال فيها:
" ولن ادخر أي جهد في سبيل أن يكون التشاور بين الأحزاب السياسية - أغلبية ومعارضة- سنة متبعة بشكل دائم في ساحتنا السياسية، ضمن علاقات احترام، متبادل بين الأطراف، وسعي متواصل لإيجاد توافق متواصل حول القضايا الوطنية الكبرى[i]" .
ولم يشر جميل لهذا الجانب.. بل تناساه نوعا ما لما طالب الرئيس بتوسيع لقاءاته حتى تشمل زعيم المعارضة الديمقراطية والفاعلين السياسيين الآخرين.
بينما كل الدلائل تشير إلى أن ولد الغزواني سائر في هذا التوجه قبل أن يطلبه منه أحد. فقد أعلنه في وثيقة برنامجه الانتخابي- " تعهداتي"، بوضوح:
"(...) يتعين علينا جميعا أن نكون منفتحين للنقاش حول جميع القضايا الوطنية. وأتعهد فيما يخصني بتهيئة الظروف المناسبة لتحقيق ذلك. وسأحرص في هذا السياق على:
- إرساء إطار للتشاور يمكن من استقبال زعيم المعارضة الديمقراطية بشكل منتظم؛
- استشارة قادة الأحزاب الممثلة في البرلمان بشأن القضايا الإستراتيجية؛
- تنشيط وتعزيز وترشيد عمل مؤسسات الجمهورية".[ii]
وها هو يجسد على أرض الواقع ما تهعد به. فلقاءاته مع ولد داداه وغيره تبين بشكل لا يدع مجالا للشك أن رئيس الجمهورية بدأ فعلا تنفيذ هذه النقاط التي تشكل محطات رئيسية من بناء ورشة كبيرة ومعقدة سماها: "مناخ سياسي هادئ ومؤسسات قوية"[iii]،
وبما أنه دخل فعلا في تطبيقها، فإن مطالبته بها دون الإشارة إلى ما يقوم به في هذا الشأن- كما فعل جميل منصور- قد يعلله بعض العارفين بالمشهد والفاعلين السياسيين في البلد بأنه مناورة لا تخلو من تغاض عن الحقيقة؛ مستدلين بأن "السؤال عن المعلوم مذموم". بينما قد لا يرى فيه آخرون مانعا، بل تأكيدا على روح "الإجماع الوطني" التي يعمل ولد الغزواني على ترسيخها والتي ترشح تحت رايتها، ويشجعه هؤلاء ويدعونه إلى السير قُدُما في نفس السبيل، عملا بالمقولة الشعبية: "احْكم ألاَّ اتْزيد احكيم".
وحتى نكون إيجابيين مثلهم تجاه الزعيم السابق لحزب تواصل، فإننا نميل إلى تصنيف تدوينته ضمن التعليل الأخير، وندعوه إلى أن يتوجه معنا إلى الرئيس غزواني ، قائلين له معا : "حسنا فعلتم، سيدي الرئيس.. أنجز حر ما وعد..."
وهذا مع كامل إدراكنا أن الطريق في بدايته، ومليء بالأشواك...
البخاري محمد مؤمل( (اليعقوبي)
العنوان الاصلي للمقال : (جميل منصور يعلق على استقبال الرئيس غزواني لاحمد ولد داداه.. هل نسى: السؤال عن المعلوم مذموم؟)