ذات يوم كتب صبي صغير رسالة مؤثرة جداً للقاضي، يطلب منه فيها أن يُبقِيَّ والدته في السجن وألا تخرج منه أبدا، لأنها قد قتلت والده أمام عينيه , كما يقول.
حدثت هذه الفاجعة المؤلمة عندما كان في الرابعة من عمره، ولم يتمكن هذا الطفل من نسيان هذا المشهد المأساوي، حيث بقيّ في ذاكرته دائماً، إنها ذكرى مؤلمة خلقت صدمة وجرحا عميقين لم يتمكن ــ رغم صغره ــ من تجاوزهما طوال حياته.
وظل هذا الطفل مرعوبا من مجرد فكرة خروج والدته يوماً ما من السجن، حيث أمضت أمه حتى تلك اللحظة ست سنوات كاملة في السجن ، لكن الحكم الاصلي عليها هو السجن لمدة عشر سنوات، وكانت تنتظر جلسة محاكمة جديدة، للنظر في قضيتها, لعل المحكمة تخفف عنها وتشفق عليها وتطلق سراحها من أجل طفلها.
وقد قرر القاضي أن يقرأ رسالة ابنها خلال الجلسة، حيث يتملك الصبيَّ الخوفُ والرعبُ من فكرة خروج أمه من السجن، لأنه لم يرَ فقط كيف وجهت أمه طعنات قاتلة لأبيه امام عينيه بسكين حاد حتى مات ، بينما كانت تمسك أختَه الصغيرة بين ذراعيها، ولكنه شاهد ايضاً كيف نظّفت أمه آثار جريمتها البشعة ببرودة وهدوء حتي تتمكن من إخفاء فعلتها، وهذا التصرف يُظهر مدي عنفها وقسوة قلبها.
وجاء في الرسالة المؤثرة التي كتبها الصبي الى القاضي وأبكته وأبكت كل مَن سمعها من الحاضرين في القاعة :
"أظن أنه من الأفضل لأختي ولي إذا بقيتْ أمي في السجن .. لأنني بصراحة شديدة أخاف منها ومن منظرها وحتى من مجرد التفكير في خروجها , فأرجوك يا سيدي القاضي , أرجوك ألا تطلق سراحها أبدا أبدا".
صححها لغويا ونحويا وأعدها للنشر "موقع الجواهر"