ساعات أمضيتها مع طفل صغير في مطار باريس جعلتني أخجل من نفسي

خميس, 09/05/2019 - 12:12

كان الأستاذ عبد الله - أطال الله عمره - كثير السفر ،يتنقل بين عواصم العالم ،لا يكاد يمر عليه أسبوع الا وهو في الجو او في مطار من المطارات ينتظر رحلة او قادم لتوه في رحلة ،نظرا لطبيعة عمله التي تتطلب السفر الدائم والحضور للمؤتمرات العلمية ،بالاضافة لكونه عضوا في العديد من المنظمات والجمعيات الاقليمية والدولية.

وقد عُرف عنه أيضا حبه الشديد لاستكشاف كل جديد والتحدث في كل شأن ومع أي انسان يقابله ،وبمعنى آخر "كان من أهل لغبه لكبار" ،لذلك يتحدث عبد الله عن نفسه معلقا على ما يتسبب به "لغبه" أحيانا ,فيقول :

كنت - ذات مرة - في قاعة الانتظار بمطار شارل ديغول في باريس أنتظر الرحلة التي سأعود فيها الى موريتانيا ،حين جلس بجانبي أفراد أسرة وصلوا للتو ,يتحدثون بلهجة شامية لا تُخطئها الأذن ،وكان من بينهم طفل صغير في حدود الخامسة أو السادسة من عمره ،ويبدو أنهم كانوا في غاية التعب والارهاق من طول السفر ،حيث استغرقوا في نوم عميق حال جلوسهم على الكراسي باستثناء الطفل ,فقد ظل مستيقظا مع ما يبدو على ملامحه من التعب ،فاقتربتُ منه وبدأت أسأله : عن اسمه أولا ،ومن أية جنسية ،ومن أي دولة قدموا والى أين وجهتهم ،حتى أنني سألته عن عمل والده ووالدته ،وكم عدد إخوته ،وما سبب سفرهم ،الى غير ذلك من الأسئلة المحرجة ،وكان الطفل يجيبني بكل أدب وحسن خلق ,فهو ذكي ومهذب ,حتى أنني شعرت بالخجل من نفسي لكثرة أسئلتي ولهدوئه وإجاباته الوافية ،وفي الأخير وقبيل موعد رحلتي بقليل ،سألته ان كان يريد أي شيء مني ،فأجابني بنبرة ملؤها الاحترام وهدوء (عمّو.. الله إخليك..اذا بتريدْ.. أحب أنام إن كانت أسئلتك انتهت).

فودعته واتجهت الى بوابة الطائرة وأنا في قمة الخجل والاحراج ,وتذكرتُ الاطفال في بلادي.

التربية السليمة عامل أساسي في بناء جيلٍ مهذب ,جيلٍ عبقري ,جيل منتج ومبتكر.

 

من منشورات وقصص (الجواهر)

  

         

بحث