هل الضربة الاسرائيلية في ايران "تمثيلية"؟

سبت, 26/10/2024 - 15:17

نفذّت إسرائيل ضربتها العسكرية في ايران، لكن اهدافها جاءت متواضعة نسبة إلى الخطاب الاسرائيلي والتحضيرات في تل ابيب التي اوحت بمعاقبة طهران رداً على ضربتها الصاروخية التي طالت عمق إسرائيل منذ اسابيع.

 

هل هناك اتفاق حصل، جعل الرد الإسرائيلي اشبه بتمثيلية او فيلم بإخراج أميركي؟

 

يمكن الاستناد إلى التقرير الذي نُشر أميركياً على موقع تلغرام منذ ايام، وتمّ فيه عرض خطة الهجوم الجوي على إيران، لكن لم يحدد الاهداف بدقّة. كان التقرير بمثابة إعلام طهران بشأن الخطة الاسرائيلية، ورغبة الاميركيين في ضرب عنصر المفاجأة الاسرائيلية، لعدم تفلّت الساحات.

مهّدت إسرائيل لعمليتها بإزالة المعوقات امام طائراتها الحربية، بدءاً من مهاجمة الدفاعات الجوية في جنوب سوريا، خلال الأسبوع الماضي، لتعتمد تل ابيب على خط الاجواء السورية ثم العراقية، واستهداف ايران من وسط العراق، بعد رفض كل من السعودية والأردن فتح اجوائهما للطائرات الاسرائيلية.

لم تقترب تلك الطائرات من الحدود الإيرانية بسبب استعداد الدفاعات الجوية للجيش الإيراني الذي نجح في اسقاط مسيّرات وبعض الصواريخ الاسرائيلية قبل وصولها إلى الاهداف. علماً ان هذه الصواريخ هي دقيقة جداً وتحمل رؤوساً حربية يبلغ وزنها حوالي ٥٠٠ كلغ، وصلت إلى مواقع إيرانية في محافظتي عيلام وخوزستان المحاذيتين للعراق بشكل اساسي، إضافة إلى مواقع ضمن محافظة طهران الكبرى، بينما لم تستطع إسرائيل الوصول إلى معظم الوسط وكل الشرق الإيراني.

اظهرت ايران استعدادها الدفاعي الكامل، وبدا ان إسرائيل تعلم ان لدى طهران امكانات دفاعية فعّالة، فيما برز السؤال: لماذا كرّر المسؤولون الاسرائيليين كلامهم عن ضربة قاسية ومؤلمة ومفاجئة لايران، ليتبين ان طهران مستعدة بكامل دفاعاتها، فلم تأت الضربة لا مؤلمة ولا مفاجئة، ولا عميقة بل طالت مواقع سطحية بالكامل ؟

 

إذا كانت واشنطن سعت لفرملة الاندفاعة الاسرائيلية ضد ايران، فإن الوقائع العسكرية والجغرافية والسياسية لم تساعد تل ابيب على تحقيق انجاز استراتيجي عبر الضربة:

اولاً، ابتعاد الطائرات الإسرائيلية عن الحدود الإيرانية خشية من اسقاط الدفاعات الإيرانية اي طائرة.

 

ثانياً، عدم سماح الدول العربية(السعودية و الاردن) لإسرائيل باستخدام اجوائها لاستهداف ايران.

 

ثالثاً، خشية إسرائيل من رد إيراني مؤلم، أدى إلى تأجيل الضربة الاسرائيلية مراراً، ثم قرار تل ابيب بعدم استهداف اي منشآت نووية او طاقوية إيرانية، للتخفيف من ردة الفعل الايرانية.

 

 

توحي كل المعطيات ان الضربة لم تكن "تمثيلية" بالكامل، بل ان طبيعتها وأهدافها كانت نتيجة خليط من الوقائع الجغرافية والقدرات الإيرانية من جهة، والدبلوماسية الاميركية التي مارست ضغوطاً لإجهاض أي توسّع للمواجهات، وابلغت ايران عن الخطة مسبقاً. لذلك جاءت دعوة واشنطن الإيرانيين والإسرائيليين للإكتفاء بما حصل ووقف المواجهة.

 

يمكن لإسرائيل الادعاء انها حققت وعيدها بالرد على ايران، ويمكن لطهران القول انها افشلت تل ابيب ومنعتها من تحقيق انجاز نوعي، رغم حديث الايرانيين عن رغبتهم بالرد على الرد.

بالانتظار، تتكثّف المحاولات لفرض تسوية وقف الحرب، في مساحة زمنية ضيّقة وحساسة، عنوانها الانتخابات الاميركية التي يشكَل موعدها سقفاً زمنياً منطقياً لأحداث الاقليم، بإعتبار ان الانتهاء من الاستحقاق الاميركي يتيح لواشنطن اعادة فرض قرارها على تل ابيب، في ظل استنزاف ميداني لن تتحمله اسرائيل طويلاً، لذلك بدأت تروّج لنهاية قريبة للعملية العسكرية البرّية في جنوب لبنان، والاستعداد لاستقبال المبعوث الاميركي آموس هوكشتين الذي يحمل مقاربة وقف الحرب بين اسرائيل ولبنان على قاعدة تنفيذ القرار الدولي ١٧٠١.

  

         

بحث