ليلة واحدة من الرعب في ثلاجة الأموات بالمستشفى كانت كافية بالنسبة لي

أربعاء, 16/10/2024 - 16:26

كانت أول مرة في حياتي أشتغل في مستشفى بعدما ترددت على أعمال كثيرة ، ورضيت أخيرا بالعمل حارسا لمشرحة في إحدى المستشفيات .

 

 

 

وصلت إلى مكان العمل في تمام السابعة صباحا وقام عم إبراهيم كما يسمونه بتعريفي بمهام وظيفتي الجديدة ، المستشفى تتكون من ثلاث طوابق ،الطابق الأول كأنه "بادروم" تحت الأرض وهو الذي توجد به المشرحة والطابق الثاني به وحدات العناية المركزة والثالث به حجرات عادية ، وأخبرني العم إبراهيم أن عملي لن يتجاوز الطابق الأول وهو القابع تحت الأرض ، وقال لي أن التناوب سيكون بيني وبين زميل لي يدعى مصطفى وهو يعمل بالفترة الصباحية هذا الأسبوع ، أما أنا فسوف أعمل بالفترة المسائية ، وفعلا قابلت مصطفى وكان في غاية السعادة عندما علم أني سأستلم منه العمل بالليل وقال : أخيرا سأذهب لبيتي واستريح من الشغل طيلة اليوم : ليلا ونهارا ، والتفت وسمعت كلمات تخرج منه ببطء قائلا : (على الأقل سوف أتخلص مما يحدث لي ليلا في هذه المشرحة لقد ابيض شعر رأسي مما يحدث)

 

 

 

فقلت له متسائلا : ماذا تقول ؟؟

 

 

 

فقال : لا..لا.. لم أقل شيئا فقد كنت أرحب بك يا زميل العمل الجديد ، وسوف أنتظرك الليلة كي تستلم العمل مني.

 

 

 

لم تترك أذني الكلمات التي سمعتها منه ولم أستطع تجاهلها.

 

 

 

وخرجت بعدما أخبرني العم إبراهيم بكل التفاصيل .

 

 

 

وما لبث أن حل المساء وذهبت للمستشفى كي أتسلم العمل .

 

 

 

ذهبت وسلمت على مصطفى وقال لي : 

 

 

 

مكانك هنا في هذا المكتب .

 

 

 

وأدخلني للمشرحة وقال : هذه هي المشرحة التي يعمل بها الأطباء بالنهار وأحيانا يأتي بعضهم بالليل وكل ما عليك فعله هو أن تجلس بالخارج ومهما سمعتَ من أصوات أوحركات في غياب الأطباء ، لا تدخل أبدا .

 

 

 

ولن يأتيك أحد هذه الليلة فالأطباء الذين يدخلون معدودون ويسجلون أسماءهم وقت الدخول ووقت الانصراف .

 

 

 

انصرف مصطفى وجلست ومرت ساعة وساعتين ودقت الساعة العاشرة وكان كل من في الدور الأول قد انصرفوا وساد الصمت، وفوجئت بطبيب يقول لي : 

 

 

 

هل أنت الحارس الجديد ؟

 

 

 

فأجبته أن نعم .

 

 

 

فقال : حسنا اجلس مكانك وإن احتجتك في شيء سوف أنادي عليك ووقع في الدفتر بوقت الحضور .

 

 

 

جلست نصف الساعة ولكن لم أسمع حركة في الداخل فتحت الدفتر وقلبت فيه وفوجئت بعدم وجود إمضاء هذا الطبيب بين الإمضاءات الماضية .

 

 

 

فتركت الكرسي الذي أجلس عليه ودخلت أسأله ولكني عند دخولي لم أجد أحدا نهائيا كأن الأرض انشقت وابتلعته وفجأة انقطعت الكهرباء ، وبدأت الأدراج الخاصة بالجثث تهتز بشدة وبدأت أسمع أصواتا في كل مكان. أحسست بهواء وحركة خلفي مباشرة ، أصوات مرعبة وصراخ في كل زاوية من زوايا الثلاجة ، التفت خلفي وأخذت أتحسس الباب كي أخرج ولكني وجدت حائطا صلبا ولم أجد الباب نهائيا ونور خفيف يظهر في الأسفل ودخان في الأرضية ولم أجد سوى أقدام تتحرك وأصوات تقترب فأغمضت عيني وسمعت صوت صاحبي يقول : إحنا آسفين . هو ما يعرفش هو لسه جديد . بنعتذر يا أهل المكان.

 

 

 

وفي لحظات عاد النور وخرجنا وجلست فإذا بزميلي يقول : لماذا دخلت بدون أن تطرق الباب ؟! لابد أن تطرق الباب كلما دخلت . وإياك والدخول ليلا مهما كان الأمر..فحكيت له الأمر بالتفصيل فقال : 

 

 

 

لا عمل للأطباء في هذه المشرحة ليلا ومن يدخل اتركه يدخل ولا تركز في وجهه ولا تكثر الأسئلة عليه فللأموات حرمة لا يجب أن ينتهكها أحد وستتعود بعد ذلك ومن حسن حظك أني أتيت في الوقت المناسب فقد تذكرت أن لدي دفاتر لم أنهيها ولابد أن تُسلَّم غدا في الصباح.

 

 

 

فرحت جدا أن صاحبي سيبيت معي وعزمت على ترك المكان في الغد نهائيا..ومهما كان الأمر.

 

 

 

فليلة واحدة مع الأموات كانت كافية بالنسبة لي حتى لا أعود لمثلها.

  

         

بحث