هذه القصة رواها أحد الثقاة غير المتهمين في ما يروون ,وتتعلق برفض أسرة تزويج ابنتها في وقت مبكر من عمرها ,لكن النهاية كانت مؤلمة جدا.
لا نقول هذا تشجيعا لزواج القاصرات ,لكننا نورد القصة كما سمعناها من مَن رواها بأمانة وصدق.
تدور أحداث هذه القصة حول الفتاة زينب ,وهي فتاة موريتانية قَروية وُلدت وترعرعت في بيئة أقرب إلى البادية منها إلى المدينة الحديثة ,كانت ذات جمال وحسب...هي أكبر أخواتها البنات..تعيش وسط أسرة ميسورة الحال بمقاييس تلك المناطق والوسط الاجتماعي المحيط بها ,حيث تمتلك أسرتها قطعانا من الماشية وتعيش عيشة لا بأس بها.
لها 3 إخوة ذكور ,أكبرهم يعمل بالتجارة في إحدى الدول الافريقية الغربية ,وأوسطهم يشرف على تربية المواشي ومرافقتها وملازمة "الرعاة" في معظم فصول السنة ,خاصة بعد أن ضعُف الوالد ولم يعد باستطاعته عمل الكثير.
أما الاخ الاصغر فقد تفرغ للتعليم منذ الصغر في المحاظر ,مدفوعا برغبة شديدة في تحصيل العلم ,وبذكاء متميز ,وذهن مُتّقد ,وذاكرة حافظة ,ثم ما لبث أن سافر الى العاصمة والتحق بإحدى المدارس النظامية ,وبعد سنتين شارك في امتحان الثانوية العامة ونجح بتفوق ,الامر الذي مكّنه من الحصول على منحة دراسية في تونس.
لما بلغت زينب سن الرابعة عشر ,كثُر خطابها لِما تتمتع به من صفات جذابة كالجمال ,مقرونا بتربية دينية جيدة وأخلاق عالية ومكانة رفيعة في مجتمعها ,لكن الرفض كان دائما هو الجواب الحاضر من أفراد الاسرة ,خاصة من الاخ المتعلم الحاصل على شهادة جامعية من دولة متحررة تُدرِّس المناهج الغربية ,وتعتبر زواج القاصرات جريمة في حق البنت وفي حق المجتمع.
تمر السنوات عِجافا على زينب ,ويشاء الله أن تتزوج أخواتها الأصغر منها وينجبن أطفالا ,وتصبح هي ـ بحكم عنوستها ـ مجرد مربية"حَكَّامة" لأبناء أخواتها.
عندها أحست بصوت متمرد من داخلها يدعوها إلى كسر كل القيود ,والثورة على المألوف ,على العادات والتقاليد ,فكرت في كل شيء قد يُغيّر من واقعها ,من مجرد كونها مربية إلى وضع جديد ,تشعر فيه بذاتها وبأنوثتها ,وزيّن لها الشيطان سوء تفكيرها وتدبيرها ,وكان عليها أن تفوض أمرها وتستسلم لقدرها وتطيع ربها ,وتلعن الشيطان وتستعيذ بالله من وساوسه,لكن نفس زينب ـ الأمارة بالسوء ـ لم ترضَ ولم تُسلِّم بمشيئة الله وقضائه ,فهربت من قريتها ومن بيئتها الطيبة الطاهرة باتجاه العاصمة ,حيث كانت أوكار الشياطين بانتظارها ,فعرفت طريق المخدرات وكل أنواع المحرمات ,والتي قادتها في النهاية إلى الزنازين وأقبية السجون ,حيث تدور بينهن ,لا تخرج الا لتعود في قضية جديدة أكبر وأخطر من الاولى. وقد صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال : إذا جاءَكم مَن ترْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كبيرٌ.
قصة زينب ونهايتها المؤلمة ,درسٌ لكل أب وكل أخ يحرص على مصلحة بنته أو أخته ,وذلك بألا يتركها عرضة للشيطان والنفس والهوى.
بقلم/ محمد محمود محمد الامين
(يُسمح بإعادة نشر هذه القصة فقط لموقع( الجواهر)