لأول مرة في تاريخ موريتانيا السياسي يقف رئيس الجمهورية أمام البرلمان، ممثلاً في برنامجه الانتخابي، معروضا في شكل برنامج حكومته.
الرئيس غزواني بموجب الدستور الموريتاني هو رئيس الحكومة، ويعتبر الوزير الأول منسقاً للعمل متابعا للإدارة، واقفا على رؤوس الوزراء، مدققاً في مدى التزامهم بهذا البرنامج، وهو ما غاب عن الوزراء الأول السابقين، وحضر في أداء ولد اجاي الذي يحشر أنفَه في كل التفاصيل.
وهذا هو دور الوزير الأول الذي يؤديه بإشراف من الرئيس غزواني، الذي لا يدخل في التفاصيل، وليس ذلك من مسؤوليته..
خلال العقود الماضية كنا نسمع خطاباً من الوزير الأول، لو كانت لنا صحافة جادةٌ تقوم بالتحقيقات المهنية، لربما كشفت لنا أنه نفس الخطاب الذي سبقه..
فقط تم تغيير تاريخه، وتم تحريف مقدمته وخاتمة بحيث تناسبان التاريخ، مع تغيير بعض الأماكن والأسماء، لا أكثر ولا أقل..
أحسّ البرلمانيون المعارضون قبل الموالين اليوم أن ما عرض أمامهم هو برنامجُ ولد الغزواني، وأن الهدف من بسطه ونثره هو تأكيد الالتزام به، وتحويله إلى مجموعة من الإجراءات، سيكون من السهل على برلمانيي المعارضة، وعليّ وعليك، بعد عام، أن نقف على حقيقة تنفيذها، بمقارنة تقرير الأداء مع التعهدات الحالية.
لقد قال لنا ولد الغزواني، من خلال ولد اجاي، إن برنامجه ليس برنامجا انتخابيا، من أجل الدعاية السياسية الانتخابية، وإنما كان برنامج عمل، يقسط على سنوات المأمورية الثانية لولد الغزواني، ويمكن لمن يعنيهم الأمر أن يتحضروا لمقارنة ما أعلن ولد اجاي عن إنجازه من طرف الحكومة، خلال الأشهر الأربعة المنصرمة منذ انتخاب ولد الغزواني...
أعاد الوزير الأول النبش عن خطابات سابقة للرئيس غزواني "دفنت في الثلج" خلال السنوات الخمس الماضية، مثل خطاب الرئيس غزواني في معرض التنمية الحيوانية الذي تعهد فيه بإحصاء الثروة الحيوانية، وإصلاح وضع مصنع الألبان ومشتقاتها في النعمة، وهو ما تحقق خلال العام الماضي، وفق البرنامج الذي أعلنت عنه الحكومة قبل أشهر..
ولد اجاي اليوم أمام البرلمان، لم يزد على أن قرأ برنامج الرئيس غزواني "طموحي للوطن" وأعاد بعض فقرات البرنامج الأول "تعهداتي"حتى يؤكد أن ولد الغزواني لم ينسها، ولم يغفل عنها، ولكنها تأخرت لأسباب مختلفة.
لم يترك لنا ولد اجاي فرصة للتفاؤل ولا للتشاؤم حين قال "إننا نعي جيدا ثقل المسؤولية وحجم التحدي ومقدار العمل الذي يتعين علينا القيام به. ونحُس بطموحات وآمال وتعجل وتضجر مواطنينا ووصول بعضهم الى مرحلة انعدام الثقة في إمكانية إحداث التحولات التي يحتاجها بلدنا".
العهد الذي بيننا وبين الوزير الأول اليوم واضح، حيث حدد لنا المشاريع التي يعمل على تحقيقها وكل ما يتعلق بها (دراسات، انطلاق، نهاية الأشغال) وهكذا سنقيم عليه الحجة وسيقيمها عليه رئيسه أيضاً، إن هو لم يساير طموحه وطموحنا للوطن ..
عبد الله أتفغ المختار