قلعة “گلب أنكادي”.. حكاية تاريخ ينبض في صخور النعمة

ثلاثاء, 15/04/2025 - 09:21

هنا الحوض الشرقي وتحديدا عاصمة الولاية النعمة حيث تمتد الرمال وتتخللها التكوينات الصخرية العتيقة، ينتصب جبل “گلب أنكادي” كشاهد صامت على حقبة زمنية غنية بالأحداث والبطولات.

هذا المعلم الطبيعي الذي يقع قرب مدينة النعمة، تحول عبر القرون إلى جزء لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية لأهل المنطقة، حاملاً في ثناياه قصص الأمراء والفرسان وقصائد الشعراء

 

تروي المصادر الشفوية أن الأمير الكفيه ولد هنون ولد بوسيف، أحد أشهر أمراء أولاد أمبارك، اتخذ من هذا الجبل مقراً له وحصناً منيعاً. وكانت قصائده التي خلّدت المعالم الطبيعية للمنطقة، ومنها هذا الجبل، خير دليل على ارتباط القائد بأرضه وتاريخه. يقول في مطلع إحدى قصائده:

 

“خشم إدار أوعكل أوكار قلب أنكادي وانواودار، دار فلقلب اليندار منهم روح ممكون، بين الدخل أو كلب أدمار اجمل أخشم أكرون..

معبراً عن عمق الصلة بين الإنسان والمكان.

 

لا تزال آثار الوجود البشري القديم بادية للعيان في موقع الجبل. فمربض فرس الأمير، وأثر ناره وخيمته، ونقاط المراقبة الاستراتيجية، تشكل جميعها لوحة تاريخية حية. وتزداد هذه اللوحة وضوحاً مع الروايات المتواترة عن استخدام الموقع كحصن طبيعي لمراقبة تحركات القوافل والغزاة، وكمركز للقاءات السياسية والاجتماعية بين شيوخ القبائل.

 

أضفت الأساطير الشعبية والقصص المتناقلة حول الجبل هالة من القدسية على المكان، جعلته مقصداً للزوار والباحثين فكل صخرة فيه تحكي قصة، وكل مسار يؤدي إلى قمته يذكر برحلة تاريخية. غير أن هذا الإرث الثري ما زال بحاجة إلى مزيد من العناية والتوثيق، للحفاظ عليه من الاندثار ولتعريف الأجيال الجديدة بحضارة أسلافهم.

 

يمثل “قلب أنكادي” نموذجاً فريداً للتفاعل بين الإنسان والطبيعة في الصحراء الموريتانية. فهو ليس مجرد تكوين جيولوجي، بل هو كتاب مفتوح يسجل ملحمة شعب بأكمله. وتظل حمايته وتثمينه مسؤولية جماعية، ليبقى شاهداً حياً على عراقة هذه الأرض وثراء تاريخها.

 

محمد غالي إعلانه ولد سيدي عثمان

  

         

بحث