قصة أغرب من الخيال جرت للسيدة اخديجة مع حفيدها يحي

اثنين, 12/12/2022 - 17:00

"اخديجة" وحكايتها العجيبة مع ابنها "يحي" الحلقة 1

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا أعرفها..لم ألتقِ بها في حياتي...قبل أسبوع قدِمتْ إلى حيّنا أسرة من الريف...

أحد أقاربهم اشترى "كَـزرة" المرحومة مامّه...لم يمض على وفاتها إلا وقت قصير...عاد ابنها "يسلم" من نواذيب لما علم بوفاتها.

باع "الكَـزرة" بثمن زهيد ورجع...المرحومة لم تلتق به منذ سنتين بعد أن تزوج هناك...

اخديجة سيدة عجوز...اعتادت منذ أن سكنت "كَـزرة" مامّه أن تصحو باكرا...تخطو عدة خطوات متثاقلة...كأنما تريد مقاومة الهرَم وقهر الشيخوخة اللذين يقيّدان خطواتها بقيد العجز , وسلاسل السنين...

في طريقي كل صباح الى "بنطرة" محمود أسمعها تخاطب مَن يمرون بالقرب منها :

"هيهْ اطلبلي مولانَ لْ يَحيَ" ..

لم أكترث .....تخاريف عجائز...أحدث نفسي..

يتكرر ذهابي كل يوم ـ كالمعتاد ـ الى البنطرة...ويتردد صدى صوتها كل صباح :

"هيهْ..................."

بدافع "لغْبه" الذي زرعه فيّ "امرابطي" النابغة ـ رحمه الله ـ قررتُ أن أعرف سر يحي هذا ...وسر طلب العجوز له الدعاء من أي انسان تقع عليه عيناها...فهي لا تمل ولا تغفل عن هذا رغم كل شيء...

وبالمناسبة ،لمرابط النابغة خرج ذات صباح لشراء "صرّة من كَـرته ونص امبورايه" من دكان جاره ,فوجد حريقا هائلا قد اندلع في عدة محلات ,وسيارات الدفاع المدني والاسعاف تطلق "صفّارات" الانذار ،وأصوات أجراس الخطر ,فظل واقفا ينظر مشهد النيران حتى العصر بعد أن تمت السيطرة على الحريق , وذلك بسب شدة "لغبة" الذي لازمه حتى تُوفي رحمه الله.

في طريق عودتي من البنطرة عرّجتُ على العجوز اخديجة ....حاولت أن أجد "الموجب" لسؤالها...

بادرتُها....عرّفتها على نفسي : اسمي ..عمري....أفراد عائلتي..ثم أردفت قائلا ـ من باب "كصران لحشيشة بيني امعاها" ـ "اكَـويرات الِّ إجوكم هون املي اكَـويراتنَ"

"وذوك لبراكَـ لخظر هو ابراكَـنَ" ...شعرتُ وكأنها استأنست لحديثي..

"حانيني اصّ انلحكَـ اصبوح الخلطة وراجعلك ظرك" قلتُها وأنا في عجلة من أمري وأود لو أطير ذهابا وإيابا..

أيْوَه...اطلبْلي مولا ن الْ يحي...قالتها وهي تدعو له بنفسها سرا...

الله يعطيه...الله انشالل يعطيه...تلعثمتُ..اتخلطْ الساني...أكملتْ هي , كَـولْ : "الله يعطيه خير لحديد ويمنعو من باسو"

لحديد؟؟ لم أفهم شيئا....زاد منسوب "لغبه" وارتفعت نسبة درجة حرارته الى ما فوق المعدل...

ذهبت وعدت مسرعا قبل أن أتناول الفطور مع الوالدة ـ حفظها الله ـ كما هي عادتي.

هذه المرة لم أحتج إلى "الموجب"...سألتها ـ وهي ما تزال ترفع رجلا وتُنزل أخرى ببطء شديد ـ كما يفعل الجنود عند حملهم جنازة أحد الشخصيات المهمة... ,بادرتها :

خالتي اخديجة هو يحي منهو؟؟ ويا ليتني لم أسألها..نزل عليها السؤال كنزول الصاعقة من السماء..اهتزّ جسمها النحيل...تململتْ تململ الطفل اليتيم...تمايلت كسعفة نخل في يوم عاصف...خفتُ عليها من السقوط...جلستْ بتثاقل على الارض حيث كانت تقف...

نظرت إليها وأنا مطأطئ الرأس..دموعها تتحدّر بصعوبة من عيون ترهّلت جفونها..ربما لأن المجرى قد جفّ أو غاضت ينابيع الدمع...

يحيى ...ابتسمت نصف ابتسامة يغلّفها حزن دفين...يحي هو ما بقيّ لي في هذه الدنيا بعد رحيل أبويه...شهقتْ شهقة قوية ...حاولتْ بعدها الوقوف..ناولتها عُكّازها الخشن....استدارتْ ...قطعت عدة خطوات هي كل ما يفصلها عن "ابراكَـها".

حاولتْ أن تجلس بتأنّ ورويّة..لكنها سقطت من "طولْ وكَـفتها".....انصرفتُ عائدا الى الوالدة وأنا أفكر في وسيلة قد تعينني على شراء "عكازٍ" طبيّ لاخديجة بدلا من عود الخشب غير السويّ.

حدثتُ أمي بما جرى ..تأثرتْ جدا ,وطلبت مني البحث عن "شاريت" لتقوم بزيارتها ولتعرف منها الحكاية عن قرب..

أحضرته بسرعة ..ساعدتها حتى استوت عليه "وطرتْ بوذن لحمار" فالطريق ـ رغم قرب المسافة ـ متعرجة وضيّقة..

خالتي اخديجة ...ناديتها من بعيد..ها هي أمي قد حضرت لزيارتك....

أهلا وسهلا بك وبأمك....وما إن استقرّ بنا المقام حتى التفتت الى أمي وقالت: أطلبيلي مولانَ ال يحيى...تابعتْ حديثها الذي تخلله بكاء..وعويل أحيانا...وصمت ...وتفكّر ونظر الى السماء...ثم.........ثم...

القصة بقلم/ محمد محمود محمد الامين 

 

بقية القصة سأكمله لاحقا ان شاء الله

  

         

بحث