لماذا كلنا عملاء؟
لا يتمتع معظم الموريتانيين ـ مع الاسف ـ بصدق العاطفة نحو وطنهم ,ولا يشعرون بالانتماء الفطري لهذه الارض التي وُلدوا وعاشوا ومات اجدادهم وسيموتون ويدفنون في باطنها.
يكبر شبابنا ويكبر معهم حلم الهجرة الى الخارج والسفر بعيدا عن الوطن ,ويكبر في داخلهم الانتماء والولاء لدولة اجنبية أو لزعيم أو صاحب نظرية من خارج الحدود .
إن جل صراعاتنا وخلافاتنا الداخلية ,واختلاف رؤانا وقناعاتنا مردها الى افكار مستوردة لا تمت لواقع بلدنا واحتياجاته ولا الى قيمنا وموروثنا الحضاري بصلة ,حتى في معالجة القضايا المصيرية والثوابت الوطنية ,والمخاطر التي تتهددنا فإننا ننقسم 71 فرقة تبعا للأجندات والولاءات الخارجية ,وما تمليه مصالحها وأولوياتها دون ان تكون مصلحة بلادنا في الحسبان.
نحن نريد موريتانيا لا شرقية ولا غربية , لا مصرية ولا مغربية , لا صينية ولا فرنسية ,نريد موريتانيا دولة كباقي الدول وشعبا كباقي الشعوب ,نعيش في هدوء وسلام ونبني بلدنا الذي ما زال بحاجة الى الكثير والكثير ,فنحن ما زلنا نستورد كل شيء ,بدءا بغذائنا ودوائنا ,وانتهاء بفكرنا وقوانيننا ,ومع ذلك فهناك من يحاول الزج بنا في مشاكل ومخططات وصراعات لا ناقة لنا فيها ولا جمل ,ولا تخدم مصالحنا ,ولا علاقة لنا بها ,ومعظمها نظريات أثبت التاريخ فشلها وعدم صلاحيتها في البلدان التي انبثقت منها وحكمتها ردحا من الزمن ,فهل تنجح في هذا المنكب البرزخي النائي؟
ثوبوا الى رشدكم أيها الموريتانيون ,يا أصحاب الاجندات الخارجية ,يا باحثين عن أي ثمن تبيعون به ارضكم وعِرضكم ,إن إكراهات هذا العصر وتقلباته بين لحظة وأخرى تفرض علينا أن نستوعب الدرس ونفهم اللعبة ونستفيد من تجارب الآخرين ,لكن بالقدر الذي يلائم مجتمعنا وقيمنا وخصوصيتنا ,ثم نطبعه بطابعنا ونختمه بختمنا ونُقولِبهُ حتى يخدم مصالحنا ,ونخلع رداء التبعية الذي لبسناه طويلا ,ونتخلى عن العمالة للأجنبي بمفهومها الواسع ,والذي يشمل عمالة "الهوى" ,بمعنى ان يكون هواك تبعا للغير ,كما تشمل عمالة الفكر ,والارتزاق ,والارتماء في احضان الاجنبي ولو كان شقيقا ,فحضن بلدنا الدافئ الأبوي الحنون أولى من سواه.
وما زلت وسأظل أتطلع الى اليوم الذي لا أجد فيه شوارعنا ممتلئة بالمتظاهرين الذين يحملون صورا لا نعرف أصحابها ,وأعلاما لا يشرفنا ان ترفع في سماء بلادنا ,وهتافات لا تسمع فيها حرفا من حروف وطننا الغالي ,وعندها ,وعندها فقط يحق لنا أن نقول : نحن موريتانيون اولا وأخيرا , لا الى هؤلاء ولا الى اولئك .
بقلم/ محمد محمود محمد الامين