الباكلوريا..
في جيلنا، لم يكن موجودا من النت غير التخاطر ولل الوَلاية :) ولا من الواتساب غير البلاغات الشعبية التاسعة ليلا.
بل لم يكن بانواكشوط من الهاتف الثابت إلا ما كان في المكاتب الرسمية والخاصة وبيوت غير كثيرة. كان اعتمادنا في التحصيل على كتيبات الباكلوريا الفرنسية التي تُتداول بين المجموعات ويعد امتلاكها تميزا على الأقران و"تضرب لها اكباد الإبل" ويُسعى إلى أصحابها، وأذكر مثلا كيف أني رفقة زميل عزيز رافقنا آخر مقيما في أقاصي إلو K من مدينة R كأننا في اتواطية نزهة قصيرة رغبة منا في الظفر إيابا بكتيب موضوعات في الباكلوريا!
ما كانت المادة على نحو ما هي عليه اليوم من توفر بكبسة زر وتنوع وتبويب وجلوس في الغرف دون كبد طِلاب. بل إن بعضنا آنذاك ربما نقل استنساخا بقلم الحبر مسائلَ ومضامين من كتاب منهج غير متوفر ولا سبيل لإعارته. أما الدفاتر فكان لها اعتبارها، فكل جيل يترك بعضُ مجتهديه دفاترَ مكتوبةً بخط حسن وتنظيم وتعهد للمحتوى، فتُتناقل لاحقا مصوَّرة ومنقولة باليد أحيانا؛ فهي لدينا 'مختصرات خليل' الفزئية و'رسالة أبي زيد' الباكلوراني. حتى التصوير photocopy لم يكن متاحا مشاعا، ومما اذكر -وليصحح لي أحد الرفاق في الجيل- كانت آلة التصوير العمومية التجارية الوحيدة في حاضنة شركة "اكَراليكوما" قرب السوق المركزي القديم، بجوار مطعم سندباد (معلمة اندثرت هي الأخرى، وسيثير ذكرها شجونًا لدى جيلنا ممن مارسوا تقنية "الأكل بالعرض البطيئ" تحايلا على صاحب المطعم لاستكمال الفرجة على فيلم الرسالة ورامبو1).
كانت اياما مفعمة بالهمة والصبر وقلة الأدوات ؤعدم تخصار الأهل لأبنائهم (تصوروا أن المشي من امسيد المغرب مثلا الى ثانوية التطبيق -ملحق الجامعة- كان يحصل يوميا مرتين وفي ظرف رمضان احيانا، والشباب مع ذلك لا يتذمرون، مارست بعض ذلك أحيانا في اولى ثانوي علمي).
اتمنى النجاح للجميع وأذكر بأن الوقوع في الغش، خاصة في المحطات الفاصلة كالباكلوريا، اتلوصيص واتخوصيص وسيرافق صاحبه ندبة في وجه الضمير ضمن مساره، وإن من القوم اليوم كوادر عليا وذوي مناصب ابتلوا والعياذ بالله بتلك الحالة فكانت شهاداتهم "فيها الكيط"، وهم اليوم لا يقدرون على مواجهة ابنائهم نصحا جريئا إلا وأنفسهم تخفي حرجا قاتلا لكون غشهم عرفه الزملاء والجيل إنما سكت الناس فحسب وحفظوا ود المعرفة وتركوا الفايتات اتفوت.
#إلذاك
من صفحة الكاتب والمدون المعروف/ د. عبد الله محمد