في كل انتخابات تحضرني قصة قديمة قرأتها للكاتب المصري يوسف السباعي رحمه الله "أرض النفاق":
يحكى أن مواطنا مصريا ضاق ذرعا بسوء الأوضاع و غلاء الأسعار و فيما هو يتمشى واجما مر بكوخ خشبي صغير عليه لافتة كتب عليها بالخط العريض " هنا تباع الأخلاق" و لدهشته الشديدة اقترب من الكوخ ليتبين قصته فإذا به عجوز يطل من فتحة في الكوخ و أمامه أكياس صغيرة رصت بعناية. سأل الرجل الشيخ ماذا يبيع فأشار الشيخ إلى أكياسه الصغيرة نبيع هنا جميع الأخلاق الفاضلة . ثم أخذ الشيخ واحدا من الأكياس كتبت عليه كلمة "الصدق" و ناوله للرجل قائلا:
ضع هذا المسحوق في كأس ماء و أشربه و لن تكذب بعدها !
أخذ الرجل المسحوق و بعد أسبوع عاد إلى الشيخ و مكسور الجناح. فأسله الشيخ ما به فقال الرجل قول الحق أوقعني في متاعب كثيرة. إعطيني من فضلك مسحوقا آخر. فأعطاه الشيخ مسحوق الشجاعة فعاد إلى و قد كسر جناحه الآخر. ولكن هذه المرة طلب الرجل من الشيخ أن يبيعه كل أكياس الأخلاق التي عنده. و أتفقا على السعر.
قرر الرجل أن يصب أكياس الأخلاق و القيم في نهر النيل ليشرب منها كل المصريين و هكذا كان.
في اليوم الموالي يبدأ مفعول الأخلاق يسري في دماء المصريين و كان يوم جمعة.
في أحد مشاهد القصة إمام يخطب في المصلين منبها إلى خطورة المخدرات. ثم يأخذ استراحة و يشرب جرعة ماء ملوثة بالأخلاق.
فيقف فجأة أمام المصلين صائحا : كنت أحاضركم عن خطورة المخدرات ...أنا تاجر مخدرات! ثم خلع عمامته و أخرج منها لفافة من المخدرات و هو يقول و الله العظيم أحسن صنف.
في مشهد آخر نائب مرشح يمدح بطرونه أمام الجماهير الغفيرة ثم يأخذ استراحة قصيرة يأخذ خلالها جرعة ماء.
يسري مفعول الأخلاق في عروقه فيقف فجأة و يصيح بالجماهير مشيرا إلى المرشح الذي كان يمدحه: يا جماعة هذا لص محترف فأحذروه إني لكم من الناصحين أما أنا فمنافق محترف معلوم النفاق و الأجرة
ثم تتواصل أحداث القصة ....
منقوووول