بعد أن أدلى مدير الأمن الأسبق الجنرال المتقاعد أحمد ولد بكرن، امس الاثنين، أمام المحكمة الجنائية المختصة بمحاربة الفساد، بشهادته في ملف بيع أراض مقتطعة من مدرسة الشرطة في العاصمة نواكشوط.
لم نسمع اي شيئ ذا قيمة او يشبع رغبة الراي العام الذي لا يزال ينتظر معرفة حقيقة اموال ولد عبد العزيز و علاقتها بالمال العام .
قبل المحاكمة كنا نعلم حسب قول الرئيس السابق انه يملك المال الوفير و اثناء المحاكمة تاكدنا انه اودع بعض هذ المال لبعض رجال الاعمال دون ان تثار شبهة في اصل المال او نلاحظ او نسمع اي شيئ مريب في طريقة ايداعه ، ما لم نجد له مبررا مقنعا هو المبررات القانونية التي تم بها استيلاء الدولة على بعض ممتلكات الرئيس السابق و تجميدها للبعض الآخر .
في الجلسة قبل الماضية تاكدنا انه في عهده بيعت ثلاث مدارس مترهلة و في مناطق لم تعد مأهولة بالسكان بل و اصبحت منطقة تجارية بامتياز ثم تاكدنا ان ثمن ثلاث مدارس لم يذهب الى حسابه الخاص و قد بنيت بذلك المبلغ اكثر من 75 مدرسة في مختلف مدن و قرى موريتانيا خصوصا النائية منها و المحرومة من بنية تعليمية اساسية منذ الاستقلال .
جلسة الاثنين 10 ابريل لم تاتي بجديد يدين ولد عبد العزيز او يوضح علاقة ماله بثروة شعبه و لم نسمع اتهامه بغسيل الاموال او تجارة المخدرات او التربح باستخدام النفوذ .
كل ما في الامر استدعاء شهود جدد جنرال متقاعد و رجل اعمال من اسرة زاولت العمل التجاري منذ عقود .
الجنرال ولد بكرن لدى استماع المحكمة إليه، اكد أنه تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، أخبره بقدوم مسؤول من وزارة الإسكان، ويطلب منه تسهيل ولوجه لمدرسة الشرطة لاقتطاع جزئها الجنوبي المحدد بجدار قديم قبيح المنظر مقابل لمباني التلفزيون و اظن ان مظهره الان يليق بشارع من اكبر شوارع العاصمة و بمنطقة راقية اقبح ما فيها هو ما يسمى مدرسة الشرطة و التي لا تساوي بنيتها و مظهرها ما تم تشييده للقطاع الامني على طريق المقاومة كتعويض عن شريط زائد كان مخصصا لرمي القمامه و تبول المارة .
قال ولد بكرن إنه استقبل في مكتبه بإدارة الأمن، مسؤول وزارة الإسكان رفقة خصوصيين، في نفس اليوم الذي اتصل فيه ولد عبد العزيز، وقام بتوجيههم مباشرة إلى مدرسة الشرطة، وفق الأوامر التي وصلته .
الجينرال ولد بكرن لم يتذكر الاشخاص الذين دخلوا ادارته و اخطأ في تحديد من كان معه حاضرا من عناصر ادارته و تجاهل بشكل مريب ان الدولة عوضت قطاع الشرطة بقطعة ارضية كما ذكرنا على شارع المقاومة شيدت عليها قلعة امنية لتدريب و تاهيل القوات الامنية لمكافحة الارهاب و فق معايير حديثة .
ربما الجينرال لم ينسى بل تناسى لانه كان يقف حيث يجب ان يكون في محكمة لتصفية الحسابات ليرد لولد عبد العزيز مرارة عزله من منصبه بعد الاخفاقات الامنية المتكررة ايام ادارته للامن العام ولكن لم يكن لديه ما يقول .
اما شهادة رجل الأعمال إبراهيم ولد غده، الملقب (ابهاي)، فلم تاتي بجديد يؤكد نهب ولد عبد العزيز للمال العام او ما يمكن ان يبنى عليه ان ما اودعه لرجل الاعمال الشاهد من مال الدولة او ان مصدره مشبوه .
السيد ” بهاي ” اكد إن حجم الودائع المالية التي تسلمها من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، تقترب او تزيد على سبع مليارات أوقية، أغلبها من العملة الصعبة).و ان علاقته بولد عبد العزيز تعود لتسعينيات القرن الماضي و ان الودائع كانت متزامنة مع الحملات الانتخابية 2005 و 2009 و 2014 م مضيفا أن الأموال كانت تصله عبر أحد أفراد أسرة ولد عبد العزيز، ومرة يتسلمها منه بشكل شخصي .
وقال إن آخر ودائع استلمها من الرئيس السابق تعود إلى الأشهر الأولى من 2019، كما وصله مبلغ آخر في يناير 2020 في فترة الرئيس الحالي ، قبل أن يبدأ التحقيق ويتوقف كل شيء..ولد غدة اكد ان الاموال امانة و انه اودعها في حساب لدى CDD .
الغريب في الامر ان الراي العام كان ينتظر من المحكمة الموجهة سياسيا اثباتا بأن مصدر ثراء الرئيس السابق هو المال العام و نهب مقدرات الدولة لا ان يضيع الوقت في تاكيد ما يقوله ولد عبد العزيز و يعترف به وهو انه يملك المال الخالي من شائبة اموال الدولة .
و ياتي الشهود ليؤكدوا ان ولد عبد العزيز اودع لديهم بعض ما يملك من المال و انهم لا صلة لهم باي جهة رسمية و لم تصلهم اموال من جهة ترتبط بالدولة .
كما ينفي الشهود استفادتهم من الدولة و يقول بعضهم انه تضرر منها ايام الرئيس السابق ، هذ التخبط الذي تدور في فلكه المحاكمة و الادعاء الرسمي و الشهود يدل ان المحاكمة ليست اكثر من تعطيل الرجل سياسيا لا غير و تفتقد للاساس القانوني و تسير فقط لتجاوز لحظة سياسية حاسمة و مهمة يجب ان لا يكون فيها ولد عبد العزيز حرا في الحركة حتى لا يؤثر على ما يتم بناؤه و ترتيبه من طرف النظام .
تاكيد بهاي ولد غدة بان ودائع ولد عبد العزيز المالية مرتبطة بفترات الحملات الانتخابية له دلالة ذكية من رجل الاعمال الذي يريدنا ان نتذكر ان هناك هبات مالية في تلك الفترات جمعها رجال اعمال لولد عبد العزيز و هي مليارات من الاوقية .
و هي رسالة مبطنة هدفها تذكير الراي العام بما كانت تقوله المعارضة و بعض المدونين و الصحافة الصفراء ايام العشرية من ان ولد عبد العزيز ناكر للجميل و انه طرد ولد بوعماتوا الذي دعمه بمبلغ 3.2 مليار اوقية قديمة في حملة 2009 م الانتخابية و في تلك الحملة خصوصا نسي السيد بهاي ولد غدة ان يقول انه اتهم من صحفي معروف بانه دعم ولد عبد العزيز بحوالي مليار و مائتي مليون اوقية كما اشيع انه وعد قبل اسابيع ولد احويرثي بدعم حزب الانصاف بمليارين من الاوقية في الاستحقاقات القادمة .
المبلغ الذي ذكره بهاي ولد غدة يقارب المبلغ الذي ذكرته وثيقة ولد الشيخ سيديا كقيض من فيض حيث اكدت الوثيقة و هي دليل مادي يورط الرئيس الحالي و اسرته بالاستيلاء على احتياطيي البنك المركزي من العملة الصعبة بطرق متعددة بل و استبدال بعض المبالغ الموجودة داخل البنك باخرى مزورة في سابقة هي الاولى من نوعها .
حيث اتهم قاضي معروف و مسؤول سامي في وزارة العدل و بالدليل الملموس الرئيس الحالي مباشرة بعملية غسيل اموال و بطريقة فاضحة ,
المحكمة كان هدفها في الظاهر ان تسترجع المال العام بعد ان تؤكد للشعب بالادلة ان ولد عبد العزيز استغل العشرية في جمعه من مقدرات البلد و هو ما لم يحدث لحد الآن.
ولد عبد العزيز كسب نقطة جديدة لصالحه في الجلسة الاخيرة و لم تستطع الجهات الرسمية ادانته باي شيئ .
اما قصة الهدايا و الهبات التي يناقش البعض قانونية الحصول عليها من العمل السياسي فلا اظن ان الدولة يمكن ان تعاقب او تشوه بها سمعة الرئيس السابق لافتقادها للاساس القانوني و هي موضوع آخر استفاد منه الجميع خصوصا مرشحي الاحزاب السياسية و منذ فتراة قديمة و حديثة ايام صدام حسين بالنسبة لقيادات حزب البعث و القيادات الاخرى التي استفادت من باخرة النفط ” هدية العراق الثمينة ” و من ضمن المستفيدين من ثمن الباخرة احمد داداه و كانت المناسبة دعمهم لمناهضة التطبيع و معارضة ولد الطايع و اما دعم القذافي للجميع فامر معروف، و مسعود ولد بالخير و الناه منت مكناس وصالح ولد حننه و غيرهم من قيادات الناصريين يعرفون ذلك جيدا .
و لكن تظل استفادة تواصل من الهبات الخارجية هي نصيب الاسد لانها من باب السياسة و باب الدين و الدنيا و كان اهمها ما وثق ابان حملة 2019 الانتخابية و هو مبلغ 20 مليون دولار هبة من تركيا بالاضافة لما يجمعه المرجع الفقهي للجماعة باسم الارامل و الايتام و التدريس و الصوم و الحج و الزكاة و ما يتم تبييضه و تهريبه بالطرق الملتوية من خلال المجمعات التجارية و المدارس و المحاظر و الصرافات و رجال اعمال الجماعة في الداخل و الخارج
التنوير