في رحلة ريفية رأيت مجموعة من أصدقائي يلعبون لعبة سخيفة: علقوا زجاجة مياه غازية فارغه بحبل من غصن شجرة وجعلوها تتأرجح كبندول الساعة، ثم راحوا ينصبون عليها بالبندقيه من مسافة بعيدة نسبياً.. دنوت منهم وقررت أن أجرب..
ما هذه.. بندقية.. كيف تطلقون بها.. ما المطلوب بالضبط.. إصابة هذه الزجاجة .. دعوني أجرب..
وضغط الزناد بلا تفكير لتتناثر شظايا الزجاجة في كل إتجاه ويشهق أصدقائي ذهولاً.. عرفت فيما بعد أنهم يحاولون منذ ساعة وأن ثلاثة منهم حاصلين علي جوائز في الرماية لكنهم فشلوا! .. لو كنت أعرف هذا كله مسبقًا لفشلت حتماً..
شجاعة الجهل.. لولاها لما فعلنا أي شئ لأننا نتوقع الفشل من البداية..
لهذا لم أندهش عندما قرأت عن ذلك الشاب الذي دخل قاعة المحاضرات متأخراً فوجد علي لوح الكتابة معادلة غير محلولة ف نسخها وافترض ان هذه هي واجبه المنزلي..
هكذا عاد للدار وسهر حتي أتم حل هذه المعادلة وقدمها لاستاذه في اليوم التالي..
أصيب الأستاذ بالذهول، وطلب الفتي ليخبره بالحقيقة: "هذه المعادلة لا حل لها" أو هكذا اعتبر أساتذة الرياضيات عبر التاريخ، وقد كتبها الأستاذ علي لوح الكتابة كنموذج للمعادلات مستحيلة الحل.. الطالب الذي لم يعرف هذه الحقيقة حلها في ليلة واحدة !
هنا.. يجب أن نتحلي بشجاعة الجهل ولا نفكر في مدي صعوبة ما نحن بصدده، ولا بعدد من فشلوا قبلنا.. هذه هي الطريقة الوحيدة الممكنة للنجاح، أما لو حاصرتنا أشباح المخاوف قبل أن نبدأ فلسوف تخرج تلك الكلاب السوداء المفترسة لتمزقنا قبل أن نخطو خطوة واحدة .
الدكتور أحمد خالد توفيق
(عن شجاعة الجهل)