قراءة تحليلية لعملية هروب السجناء السلفيين وأبعادها الأمنية المتوقعة
اكتنف الغموض الإعلامي كعادته هذه العلمية نظرا لشح المصادر وكثرة الشائعات وتحري الاعلام المهني لصدق الخل مة وبالتالي قد يلاحظ المتتبع لأخبار العملية فتورا إعلاميا ما من طرف المؤسسات الإعلامية الرائدة وقد يُفسر ذلك الفتوى بالتريث من أجل الصدفية والدقة والمهنية وه ذا أنر يذكر فيشكر لكن للأسف الشديد إعلامنا يفتقد الكثير من المهنية والتخصص اللازمين...
غير بعيد عن الموضوع بدت مظاهر العملية تتجلى بتأكيد من وزارة الداخلية في بيان لهروب أربعة سجناء سلفيين، وقد قاموا بعملية هروب منسقة تضاربت الأنباء حول كيفيتها لكن سنورد المتداول أكثر وهو أنهم استطاعوا الحصول على السلاح (لا ندري كيف) وربما عن طريق الاستيلاء على أحد الحراس في حين غفلة وتجريده من سلاحه واستخدامه في العملية وربما بطرق أخرى...
تعددت الأسباب والنتيجة واحدة هي الهروب بعد مقتل حرسيين وجرح اثنين آخرين جراهما خفيفة وتم تطويق السجن من طرف الدرك والسيطرة عليه في ظرف وجيز وبدت عملية تتبع خيوط الهاربين...نبه إلى أن القائد المفترض للهاربين هو السجين السالك ولد الشيخ ومعه ثلاثة هم محمد الرسول ولد اشبيه ومحمد يسلم ولد محمد عبد الله وعبد الكريم ولد أبو بكر الصديق وبالتالي يبدو من خلال المعطيات التالية أن عملية الهروب نسقت وفقا للأسباب التالية :
**تنسيق مع طرف ثاني من المرجح أن يكون على اتصال بالمجموعة ولن يكون صاحب السيارة المحجوزة لأن السيارة التي استغلها الهاربون من المرجح أن تكون مغتصبة من صاحبها عنوة بإشهار السلاح وذلك لأن هؤلاء لن يكونوا ساذجين ليستغلوا سيارة لأحد يعرفونه لهروبهم لأن ذلك يشكل خيطا أمنيا بسيطا للعثور عليهم.
** الطرف الثاني الذي ربما نسق عملية الهروب من المرجح أن يكون عناصر من تنظيم الدولة الموجود ببوركينا فاسو وأقصى شمال مالي وبالتالي تكون قد دخلت منه عناصر متسللة منتهزة فرصة توفر سيارات النقل عبر الحدود في إطار زيارة الرئيس الماضية للنعمة التي جاءها الناس من كل ولاية وبالتالي فرضية استغلال انشغال الناس والتركيز على نجاح الزيارة ربما وفر بيئة خصبة لهؤلاء العناصر للتسلل إلى العاصمة انواكشوط وعليه يلزم الحذر وأخذ الأمر بعين الاعتبار لأن هذه العملية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنفذ من أجل الهروب والاختفاء فقط بل من أجل تنفيذ عمليات أكبر في العاصمة لا قدر الله، لأن تنظيم الدولة محاصر منذ فترة نتيجة لقوة تحرك القوات المالية المساندة من فاغنر وجودة تسلحها مؤخرا بالطائرات المقاتلة وتركيزها على الأماكن الحدودية المتواجد فيها هذا التنظيم كالفضاء الشمالي المالي (ضواحي ميناكا وگاو وربما بلدات أخرى، بالإضافة إلى سيطرته على الكثير من أراضي بوركينا فاسو...)
** أيضا توجد مؤشرات واضحة الدلالة على أن عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية قد تكون وراء هذه العملية نتيجة لاعتبار الحصار القوي الذي فرضته السلطات البوركينابية منذ أيام على مناطق نفوذ التنظيم وذلك مؤخرا عن طريق فرض حظر تجوال ليلي يبدأ من العاشرة ليلا وحتى الخامسة فجرا وبالتالي يكون الخناق قد شدد على التنظيم من طرف مالي من جهة وبوركينا فاسو من جهة أخرى وهو الآن يحاول التسلل إلى موريتانيا إن صلحت له تلك الخطة أو ربما تكون العمليات العسكرية المنسقة من الدولتين قد فككته إلى مجموعات صغيرة متشرذمة تحاول التجمع وإعادة التموقع في أي مكان أو بيئة مناسبة لتنفيذ عمليات ولو محدودة لا قدر الله. **يرجح فرضية أن تنظيم الدولة وراء هذه العملية لانه من المفترض أن قائد المجموعة السالك ولد الشيخ سبق وأن فر سابقا من السجن سنة 2018إلى غينيا وألقي القبض عليه وهو منتميسابق لتنظيم القاعدة والمتمثل حاليا في تجمع أنصار الإسلام والمسلمين وربما كان ذهابه إلى غينيا يشكل تمويها من أجل الذهاب إلى النواة الأولى المؤسسة لتنظيم الدولة في شمال مالي وفي بوركينا فاسو وبالتالي هو يكرر نفس السيناريو لكن ربما ربما بمساعدة عناصر متشددة تسللت إلى موريتانيا لتشكيل نواة للتنظيم بها والله أعلم.
**تنامي النفور وعدم التفاهم السياسي بين الحركات الازوادية التي تؤمن أجزاء كبيرة من شمال مالي من جهة والحكومة المالية من جهة أخرى قد يكون شكل وجود فراغ أمني قد تستغله الحركات المسلحة الجهادية كتنظيم الدولة مثلا لسهولة التحرك والتسلل إلى موريتانيا عبر الحدود وبالتالي على دول الساحل أخذ خطورة هذه النقطة بعين الاعتبار لأنه لو اندلع أي صراع عسكري بين مالي والحركات الليبرالية الأزوادية المسلحة قد يوفر ذلك فضاء خصبا بتنامي تنظيم الدولة والحركات الجهادية في دول الساحل والصحراء وبالتالي تنهار بعض الدول كالنظام المالي لا قدر الله، وذلك دون شك سيجر ذيله على أخواتها.
-----------------------------
حناني محمد الامين
إعلامي وباحث مختص في شؤون الساحل والصحراء