العالم الجليل البشير وقصة بيع حماره الذي كان مصدر رزقه

اثنين, 26/12/2022 - 15:02

هذا الرجل النحيف ،محدودب الظهر ،هو العالم العابد الزاهد الامام/ البشير - حفظه الله ورعاه - صاحب أشهر عربة تجرها الحمير لنقل الماء بين أحياء كرفور مدريد بالعاصمة نواكشوط.

إن هذا الرجل ،وبسبب زهده وعفافه لا يأكل إلا من كد يده وعرق جبينه ،لا يستقبل المال من أحد ويرفض الخنوع الا لخالقه جل في علاه.

لقد عُرف الامام/ البشير بالجلوس بين طلاب العلم ،يستمع لطائفة ،ويشرح المتون لطائفة أخرى ،ويجيب على أسئلة البعض منهم.

وحين يفرغ من حلقات التدريس يتجه بحماره لملء البراميل من الحنفية العمومية ويبدأ في توزيع الماء على الساكنة ،متنقلا بين الازقة الضيقة والطرقات غير المعبدة.

الآن وقد أصبح الامام عاجزا عن تلك المهمة لضعف جسمه ووهن عظمه ،فقد تم بيع الحمار. 

وقد سجل أحد أبنائه كل ذلك في التدوينة التالية : 

((لقد بيع حمار الوالد اليوم أسأل لله أن يعقبنا خيرا بعده،

 بيع الحمار وخلف ذكريات جميلة معه ، 

لقد وافق الوالد على بيعه بعد عجزه عنه إثر وعكة صحية ألمت به قبل أسابيع وأتمثل هنا بقول الشاعر:

عملت به حرا ثلاثين حجة @ لقد طال وجدي بعده وحنين وماكان ظني أنني سأبيعه @  ولو خلدتني في السجون ديوني.

ذكريات من العطاء القرءاني لعدة عقود ولله الحمد ذكريات من العفة تجعلك حائرا أمام جبروتها القاهر لعادات مجتمع لايومن إلا بالمظاهر البراقة الخداعة

ذكريات من العصامية ونبذ الاتكالية 

ذكريات من المواساة للجيران والضعفاء الذين لايجدون ما يسددون به ثمن برميل الماء الذي هو أحوج إلى ثمنه منهم بأضعاف المرات لكنه متأس بقوله تعالى :

(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) 

ذكريات ضربت أروع الأمثلة في تحدي صعاب الحياة وتقلبات منجنونها بغير المرغوب فيه .

أنصفوني أيها الأحبة في سرد هذا الإطراء لذي قد يقول البعض أنه:(مبلول اعلي) لكن ذكريات الطفولة خلف هذه العربة والعيش زمن العسرة من دخلها جعلني أفقد الرشد الاجتماعي وأتصارح وأصارح على غير عادة ونهج محيطنا الاجتماعي 

لقد حفظت أنا وأخوي القرءان خلفها  وكررناه مرارا وتكرارا متتبعين خطاها المباركة في مادريد وأزقته الضيقة ، تشهد تلك الشوارع أنا جبناها يمنة وشملة حاملين ألواحنا ومصاحفنا خلف تلك العربة .

لقد كانت ومازالت تلك العربة شرفا لنا وعلما يرفرف فوق رؤوسنا و أمام منزلنا .

لقد كان أخوي يعملان عليها عندما يكون الوالد خارج انواكشوط بكل فخر واعتزاز ،غالبا ما يكون ذلك بأمر منه،

 يجوبان بها الشوارع دون ما خجل ولاملل أما أنا فلم أعمل عليها منذ سنوات عديدة ليس عن كره ولا قلى إلا أن ربي قد أعذرني في ذلك 

أسأل الله أن يمتعنا به في صحة وعافية مأمنا من كل مخوف ومكروه وجميع المسلمين.

نقلا عن صفحة الاستاذ / عبدالله بشير ))

  

         

بحث