مقال رائع بعنوان ،،الشيطان يحكمنا،،

أربعاء, 30/11/2022 - 15:41

إن أقصى ما استطاع فرعون مصر أن يقتنيه من وسائل النقل كان عربة كارو يجرها حصان..

و أنت عندك عربة خاصة، و تستطيع أن تركب قطارا، و تحجز مقعدا في طائرة!

و إمبراطور فارس كان يضيء قصره بالشموع و قناديل الزيت.. و أنت تضيء بيتك بالكهرباء!

و قيصر الرومان كان يشرب من السقا.. و يحمل إليه الماء في القرب

و أنت تشرب مياها مرشحة من حنفيات و يجري إليك الماء في أنابيب!

و هارون الرشيد كانت عنده فرقة موسيقية تعزف له في أوقات لهوه و فراغه

و أنت عندك مفاتيح الراديو توصلك إلى آلاف الفرق الموسيقية، و تحمل إلى أذنك المبهج و المطرب و الممتع من كل صوت و كل فن!

و الإمبراطور غليوم كان عنده أراجوز..

و أنت عندك تليفزيون يسليك بمليون أراجوز.

و عندك السينما سكوب و السيزاما!

و لويس الرابع عشر كان عنده طباخ يقدم أفخر أصناف المطبخ الفرنسي..

و أنت تحت بيتك مطعم فرنسي، و مطعم صيني، و مطعم ألماني، و مطعم ياباني، و محل محشي، و محل كشري، و مسمط، و مصنع مخللات و معلبات، و مربات و حلويات!

 

و قارون أغنى أغنياء العالم يقول لنا التاريخ إن كل ثروته لم تكن تزيد على مائتين من الجنيهات بالعملة النحاسية.. و هو مبلغ تستطيع أن تكسبه الآن في شهر

 

و جواري الخليفة تجدهن الآن معروضات في بيجال بباريس بعشرة فرنكات للواحدة.. شقر و سمر و سود و بيض من كل لون أوكازيون

 

و مراوح ريش النعام التي كان يروح بها العبيد على وجه الخليفة في قيظ الصيف و لهيب آب، عندك الآن مكانها مكيفات هواء تحول بيتك إلى جنة بلمسة سحرية لزر كهربائي!

 

أنت إمبراطور

و كل هؤلاء الأباطرة جرابيع و هلافيت بالنسبة لك..

و لكن يبدو أننا أباطرة أغبياء جدا.. و لهذا فنحن تعساء جدا برغم النعم التي نمرح فيها

 

فمن عنده عربة لا يستمتع بها، و إنما ينظر في حسد لمن عنده عربتان.. و من عنده عربتان يبكي على حاله، لأن جاره يمتلك طائرة.. و من عنده طائرة يكاد يموت من الحقد و الغيرة لأن أوناسيس عنده مطار.. و من عنده زوجة جميلة يتركها و ينظر إلى زوجة جاره..

 

و في النهاية يسرق بعضنا بعضا، و يقتل بعضنا بعضا حقدا و حسدا

 

ثم نلقي بقنبلة ذرية على كل هذا الرخاء.. و نشعل النابالم

في بيوتنا.. ثم نصرخ بأنه لا توجد عدالة اجتماعية.. و يحطم الطلبة الجامعات.. و يحطم العمال المصانع..

و الحقد – و ليس العدالة – هو الدافع الحقيقي وراء كل الحروب

 

و مهما تحقق الرخاء للأفراد فسوف يقتل بعضهم بعضا، لأن كل واحد لن ينظر إلى ما في يده، و إنما إلى ما في يد غيره، و لن يتساوى الناس أبدا.

 

فإذا ارتفع راتبك ضعفين فسوف تنظر إلى من ارتفع أجره ثلاثة أضعاف، و سوف تثور و تحتج، و تنفق راتبك في شراء مسدسات

 

لقد أصبحنا أباطرة.. هذا صحيح.. و لكننا مازلنا نفكر بغرائز حيوانات

 

تقدمنا كمدينة و تأخرنا كحضارة.. ارتقى الإنسان في معيشته.. و تخلف في محبته..

 

أنت إمبراطور.. هذا صحيح.. و لكنك أتعس إمبراطور..

 

د مصطفى محمود

من كتاب الشيطان يحكم .

  

         

بحث