لِمَن لا يعرفه..تعرَّفْ عن قرب على المستشار أحمد ولد هارون

سبت, 23/10/2021 - 16:23

اعتقل قبل أن يصلي الظهر ليعود إلى بيته وهنا من الليل بعد ست وثلاثين ساعة من المكوث في بناء عتيق وزنزانات مظلمة مع مفوض شرطة مهني ورجال شرطة ذوي أخلاق عالية وانضباط كبير.

مالم يستوعبه سجانوه أنه باحث عالم وكاتب ذكي؛ يؤثر الإحاطة بكتاب على مأمورية بها كومة دنانير؛ سبح في علوم التيدينيت وهو يافع واختتم القرآن حتى طاب على لسانه قبل الجامعة وصاحب الأذكياء حتى أحبوه.

يرتاح لمجالسة الأكابر ويرتاحون له ومعظم أصدقائه هم في سن والده.

يعتنق إسلاما عالما متبصرا بعيدا عن الخرافة وهاربا من التكفير؛ مارسته السياسة قبل أن يمارسها ويتملكه زهد تغالبه مظاهره ويغالبها.

وانه وفيٌّ حد الوثنية لصداقاته القديمة؛ خصوصا من خارج محيطه العائلي؛ ألف سلسلة بحثية نادرة تحت عنوان "الشيخ سيديا بابه وموقفه من نازلة الاستعمار" قادته للمكتبات الجامعية الأمريكية والاسبانية والمغاربية والإفريقية والموريتانية زادت شباب البلد يقظة بماضي أرضهم وعرضهم بعد غياب للسلطة المركزية زاد على خمسة قرون؛ وكتب عن شأن أمته وملته ونحلته، وسطر مئات المقالات الرصينة الموثوقة بلغة مكتنزة وجمل منسابة قبل تفشي الانترنت وكورونا والانقلابات والمرجعيات في المجال الصحراوي الساحلي.

وأنه يعيش من عرق جبينه، ويشرف على إيصال بناته إلى المدرسة بنفسه؛ ويمتشق مسدسا مرخصا ويجيد استخدامه والرماية به.

وأن له صداقات قوية مع السلفيين الأشداء ويجالس المتصوفة المخبتين بشغف ويسامر الليبيراليين الراديكاليين بحبور ويعشق اليساريين الذائبين كدحا دون مواربة.

استيقظ على هذا الزخم الفكري في مجالس وأزقة مدينته وفي بيت والده، ثم حمله معه إلى بقاع العالم دون أن يتماهى مع مالم يكن منه فيه او له؛ أو يزّيّن بمايشينه.

حين يعجبه إنسان يقول إنه من عظماء الصحراء الكبرى؛ ويهتم بالتفاصيل ويكره الظلم.

إن لم يكونوا عرفوه في مقامه معهم واستجوابهم له والمحاضر التي رفعت إليهم؛ أو اختزلوا هويته وهمٌه الذي يحمل بين جنبيه في صوتيات مسربة أو مقابلة تلفزيونية فإن رِجل الرجل رسخت في مجافاة الزيف قبل الواتساب وتحرير الفضاء السمعي البصري في البلد وليبحثوا عنه خارجهما.

كم هي لذيذة تداعيات الكتابة عمن تعرف حين يكون السكوت ممرضا والكلام موهنا والخيارات قليلة؛ فأحمد ليس مجرد خارج على الأنساق التدجينية بأناقة ولباقة بل هو إنسان مسالم بعنفوان وعنيف بمسالمة؛ يعرف أننا نحتاج لألف تساؤل ومليون سؤال ومطر من الإجابات والابتسامات والزخات لنلثم به عبراتنا ونهوّن به علينا عجائب أيامنا وغرائب ليالينا ويتيمات ضحكاتنا.

أحمد ولد هارون باختصار إحدى ارتساماتنا التي يجب أن لا تنمحي ولا تُذل ولا تُهان فدعوه وشأنه؛ وطوبى للحرية به.

 

تدوينة من صفحة الاستاذ/ إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا