ميلود الشعبي رجل أعمال وسياسي مغربي شهير؛ قدم قصة نجاح عصامية تحول فيها من راعي غنم إلى مستثمر كبير في المملكة، إذ تجاوزت استثماراته حدود المغرب لتشمل بلدانا أفريقية وعربية.
المولد والنشأة
ولد ميلود الشعبي عام 1930 في قرية أمازيغية صغيرة تسمى "أقرمود" بمنطقة الشعبة جنوب غربي المغرب. نشأ في وسط فقير لأب يتميز بالصرامة الشديدة، مما كان له أبلغ الأثر في تشكيل شخصيته.
الدراسة والتكوين
لم يحظ الشعبي -بسبب فقر أسرته- سوى بفترة دراسة قصيرة في مسجد بلدتهم، حيث حفظ القرآن الكريم وتعلم بعض المبادئ الأولية في القراءة والكتابة.
الوظائف والمسؤوليات
مارس ميلود الشعبي أنشطته كرجل أعمال نحو سبعة عقود، توجها برئاسة مجموعة قابضة عملاقة. وخلال مساره الطويل، انتخب رئيسا لغرفة التجارة والصناعة في مدينة القنيطرة من سنة 1963 إلى 1966، كما أعيد انتخابه مرة ثانية من سنة 1966 إلى 1969، وهي نفس السنة التي انتخب فيها رئيسا لجامعة الغرف التجارية والصناعية بالمغرب.
حينئذ تقدم أحد المغاربة من الطفل الذي كان يبكي ومكنه من ثمن التذكرة، وأوصله القطار إلى مدينة القنيطرة التي بدأ فيها خطواته الأولى وأصبح لاحقا مليارديرا. كان الشعبي يأمل أن يتمكن من أن يلتقي ذلك الرجل ليرد له الجميل أضعافا مضاعفة، وظل يخاطب بعض من عرفوه بقوله "آه لو التقيت ذلك الرجل..".
عمل -وهو في سن الرابعة عشرة- بضعة أيام في مدينة مراكش داخل ضيعة فلاحية، ثم انتقل إلى مدينة القنيطرة للعمل في ورشات البناء. واشتغل لدى شركة يملكها فرنسي، لكن العامل البسيط سيصبح مالك الشركة بعد اقتنائها من مدخراته.
باشر الشعبي مساره في شركته الأولى للبناء بثلاثة عمال فقط. وكبر طموحه سريعا، حيث حرص دائما على تنويع نشاطه، واتجه نحو صناعة السيراميك بإطلاق شركة متخصصة سنة 1964.
وفي 1985 اقتنى شركتين متخصصتين في صناعة وتوزيع تجهيزات الري ومواد البناء من عائلة دولبو الفرنسية، مما شكل طفرة في المسار المهني لهذا المقاول العصامي. وفي 1992 أنشأ شركة للورق والتغليف، ثم فاز 1993 بصفقة شراء الشركة الوطنية للبتروكيماويات في إطار خصخصة مؤسسات الدولة. وفي 1994 أطلق شركة إليكترا للمكونات الكهربائية والكابلات والبطاريات.
أطلق الشعبي في 1998 سلسلة "أسواق السلام" التجارية، وبعدها أنشأ أولى وحدات سلسلة فندقية سنة 1999 بمدينة الصويرة، ثم بمدينة مراكش وأكادير سنة 2009. وفي 2010 شيد وحدة لصناعة الحديد.
تزامنا مع توسع استثماراته، أنشأ ميلود الشعبي عام 2000 مجموعة "يينا" لتكون حاضنة لمختلف الشركات، فضمت 17 علامة تجارية تشغل حوالي ألف مستخدم. ويمتد نشاطها -فضلا عن المغرب- إلى عدة بلدان عربية مثل تونس وليبيا ومصر والإمارات. وقد قدرت مجلة فوربس ثروة ميلود الشعبي بثلاثة مليارات دولار، مما جعله من كبار الأثرياء في المغرب.
عُرف عن الشعبي منعه بيع الخمور في الأسواق التجارية التابعة لمجموعته، وكذا ترويجها في فنادقه.
مع النشاط الاستثماري، مارس الشعبي السياسة من بوابة العمل البرلماني. وظل يحظى باحترام من مختلف التيارات السياسية، لكن علاقته بالسلطة شابها توتر في السنوات الأخيرة من حياته، أرجعه مراقبون إلى عدم دخوله تحت معطف الدوائر الاقتصادية القريبة من السلطة السياسية النافذة، وانتقاده للامتيازات الممنوحة لشركة منافسة قريبة من القصر.
الجزيرة نت