تحت عنوان : انتكاسة خطاب 28 نوفمبر ,وجَّهَ الكاتب المعروف سيدي علي بلعمش سهام انتقاده للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ,حيث بدأ بالقول :
# سيكون هذا المقال طويلا لأنني لا أريد أن يقرأه المتطفلون على السياسة.
# سيكون هذا المقال طويلا لأنني لا أريد أن يقرأه أصحاب ثقافة "الفاست فود" الذين أصبحوا يتحدثون في كل شيء.
# سيكون هذا المقال طويلا، لأن تراجيديا شعبنا أطول.
# سيكون هذا المقال طويلا لأن الحديث عن فساد نظامنا قصة بلا نهاية.
تابعت باهتمام و تمعن خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة عيد استقلالها الستين (60). و كنت ـ بعد نفاد صبرنا الملجوم منذ قدومه ـ قد توعدت فخامته في رسالة مفتوحة (قبل شهر بالضبط) بتأجيل اتخاذ موقف من نظامه إلى ما سيأتي في خطاب هذه المناسبة ذات الرمزية العالية في نفوسنا و الموعد الدائم في وجداننا لحدوث تغيير طالما اشرأبت له أعناقنا.
كان هذا الخطاب الجنائزي إعلان وفاة.. كان إعلان إفلاس.. كان إعلان احتقار لشعبنا المحاصر بالدعاية السخيفة و الأماني الكاذبة، منذ عام و نيف.
لو كان هذا الخطاب تسجيلا لخطاب المناسبة سنة 1972، لما صدق أحد أن تكون هذه إنجازاته و وعوده و التزاماته و سخافة دعايته: من يفتخر باستقلال القضاء (الأفسد من قدرنا)، الذي يتندر الجميع بأحاجي يومياته الأقرب إلى قصص جحا .. من يفتخر بجريمة نذيرو المؤيدة لمشروع بيل غيت للحد من تكاثر البشر "غير الضروريين".. من يفتخر بمدونة الصفقات العمومية المفتوحة على الفساد المستمر بعبارة "أسباب استعجالية" .. من يفتخر بتفعيل أجهزة الرقابة الملزمة بتأدية التحية الصباحية لولد أجاي و وزير ماما تكيبر و عبد العزيز ولد داهي و جا ملل (...) من يفتخر بدعم الحريات العامة "من خلال ما يجري عليه العمل ، حاليا، من وضع استراتيجية شاملة لإصلاح و ترقية قطاع الإعلام" (بلا تعليق) .. من يفتخر بـ"الانفتاح و التشاور مع الفاعلين السياسيين" ، يفهم بوضوح أن الرجل غير جاد و أن لديه باعا في تسويق أكاذيب الدعاية على مستوى الظواهر : مع من تشاورت يا غزواني من الفاعلين السياسيين؟ و في ماذا ؟ و بماذا أخذت من رأيه؟ ما لا يختلف عليه اثنان في موريتانيا هو أن الفساد يشكل نسبة 98% من مشاكلها ، فعن ماذا تتكلم حين يخلو خطابك من كلمة "فساد" بتعمد و وعي ، نكرانا لوجوده؟ لكن كيف لمن يعين ولد أجاي على "سنيم" أن يتكلم عن الفساد؟ فمعذرة ، ربما كنا نحن من نظلمك في هذه.
ما هكذا تورد الإبل يا غزواني.. ما هكذا مواقف الرجال : لقد اتضحت الآن حقيقة كل ما يحاك في الظلام و لسنا نادمين على صمتنا كل هذه الفترة و لا على "تصديق" أكاذيبك المعلبة ؛ لقد كان ذلك ما يمليه علينا ديننا و أخلاقنا و مسؤولياتنا أمام شعبنا . و ما أستنتجه الآن بوضوح من خلال كل المعطيات على الأرض هو أن غزواني أدخلنا اليوم في ممر إجباري لنهاية حكم العسكر: و "عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم".
لقد فهمنا الآن بما لا يدع مجالا للشك أننا لو أعطينا ميدالية واحدة لولد الغزواني و طلبنا منه أن يعطيها لمن يستحقها في تقديراته، منذ عيسى بن مريم (عليه السلام) حتى اليوم ، لوشح بها ولد أجاي أو شيخنا ولد النني.
تلك هي حقيقة غزواني التي نتحمل اليوم بعد كل هذا الانتظار، مسؤوليتنا أمام الله و أمام شعبنا في التعامل معه من خلالها :
بعد حوالي 500 يوم من حكمه، و إعادة تشكيل صفوف العصابة القديمة و تدوير رموزها (حصريا) بين وظائف الدولة السامية ، تماما كما لو كانت ملكا خاصا لولد الغزواني ، يتكرم به على كل من له فضل عليه أو كل من لهن مكانة في قلبه، ها نحن بعد انتظار طويل، نستمع إلى أتفه و أكذب خطاب بمناسبة عيد الاستقلال، على امتداد ستين سنة ، هي عمر حصار شعبنا بين أجندات هيمنة اللوبيات المحلية ذات الأسرار المشفرة : "و اليوم ، على عواتقنا جميعا، تقع مسؤولية صون المنجز و مواصلة البناء و تطويره و ذلك بالعمل الدؤوب على تقوية اللحمة الاجتماعية و إرساء دولة القانون و تحقيق العدالة الاجتماعية و التنمية المستدامة الشاملة". أي هذيان هذا ؟ ألسنا هنا أمام فقرة مبدعة من نص مسرحي ماغوطي، موغل في الكوميديا السوداء؟
ما تحدث عنه فخامة رئيس الجمهورية بتبجح و اعتبره إنجازات لا تطال ، تخجل أي منظمة خيرية صغيرة من الحديث عن مثله..
ـ كنا ننتظر ثورة زراعية ، كاملة الأسباب و الوسائل على أرضنا..
ـ كنا ننتظر تأمين شركات الذهب التي نهبت خيراتنا دون أي مقابل ..
ـ كنا ننتظر قرار تصفية المعادن على أرضنا في أفران محلية ، بعد 47 سنة من تأميم ميفيرما..
ـ كنا ننتظر بناء مصانع وطنية لتعليب السمك تنافس الأوروبية للاستفادة من القيمة المضافة ..
ـ كنا ننتظر خطة مكثفة للاستفادة من الثروة الحيوانية : لحوم، ألبان، عظام، جلود (...) ..
ـ كنا ننتظر خطة توسيع مراعي ، تجعل كل الأراضي الموريتانية الشاسعة في متناول المنمين : الطرق و نقاط المياه و الأمن..
ـ كنا ننتظر أفكار ثورية ، تعبر عن طموح دولة ، تقودها نخبة ذات رؤية ، تبحث عن نهضة حقيقية ، تتوفر كل أسبابها و وسائلها ، لا الحديث عن تدشين مدرسة من قسمين و عيادة أقرب إلى مطبخ و علاوة طبشور معلم لا يفرق بين النعت و الحال..
ـ كنا ننتظر رفع الضرائب 20 عاما عن المصانع و حماية رجال الأعمال: كيف تستطيع اليوم أن تستثمر نصف ثروتك في بناء مصنع ، ستحف بك من كل الجهات خمسين شبيها له في مساحة ثلاث كيلومترات؟
يبدو جليا من خلال هذا الخطاب السقيم، أن من كتبوه أرادوا أن يفهمونا أن ولد الغزواني ما زال يعتقد أن من بيننا من يمكن أن يصدق أكاذيبه و افتراءاته ليؤكدوا لنا أن حالته المرضية (إيمانه بعبقرية الكذب) ، أخطر و أرسخ من حالة عزيز المرضية (ولعه بجمع المال). و هنا يكون الشعب الموريتاني و طبقته الواعية ، المدركة لكل الحقائق ، مسؤولين..........
يتبع ان شاء الله.......