فتاة تشكو من تصرفات والدها المشينة (خارج الحدود)

سبت, 14/12/2019 - 11:37

 مشهد يتكرر في نهاية كل أسبوع، على مدار عامين كاملين، كانت هذه الطفلة التي لا تزال في الثانية عشرة من عمرها، ضحية للاغتصاب من قبل عديد من الرجال الذين كانوا يهاجمونها في بيت عائلتها، كما كشفت لمعالجين نفسيين. بعض هؤلاء الرجال كانوا على معرفة بوالدها، والبعض الآخر من الغرباء.

وتروي الطفلة قائلة، إن القصة بدأت حين كان والدها يدعو أصدقاءه إلى منزله لتناول الشراب، ثم يقوم الرجال المخمورون بمضايقتها ولمسها على مرأى من والديها، وأحيانا يختفي أحدهم في غرفة النوم الوحيدة العفنة العتيقة مع والدتها.

وفي أحد الأيام، دفعها والدها، كما تقول الفتاة، إلى غرفة النوم نفسها مع أحد أصدقائه، وأقفل الباب من الخارج. وهناك اغتصبها الرجل.

سرعان ما تحولت طفولة الفتاة المسكينة إلى كابوس. كان الأب يتصل بالرجال، ويحجز لهم مواعيد مع ابنته لقاء مبالغ مالية. ويعتقد المعالجون الذين تحدثوا إلى الفتاة أنها اغتصبت من قبل ثلاثين رجلاً على الأقل خلال تلك الفترة.

في العشرين من سبتمبر/ أيلول، وبناء على معلومات من مدرسين في مدرستها، تمكن موظفون في هيئة رعاية الأطفال من إنقاذ الطفلة، وأخذوها من مدرستها إلى أحد الملاجئ الخاصة. وقد أكدت الفحوصات الطبية تعرض الطفلة للاغتصاب المتكرر، بحسب المسؤولين

وقبضت السلطات على والدها وثلاثة رجال آخرين على خلفية القضية، ووجهت إليهم تهم الاغتصاب، والتحرش بطفلة والاعتداء جنسياً عليهاً، واستغلالها لأغراض إباحية، كما حرموا جميعاً من إمكانية إطلاق سراحهم بكفالة.

ولا تزال الشرطة تبحث عن خمسة رجال آخرين معروفين من قبل الأب، الذي أشيع أنه أيضاً اغتصب ابنته واعتدى عليها جنسياً. وقد حصل المحققون على قائمة بأسماء وصور 25 رجلاً معروفين لدى العائلة، لعرضها على الفتاة.

لكن الفتاة تقول "لا يمكنني أن أتذكر أي وجه. كل شيء غائم ومشوش".

تقع البلدة التي تعيش فيها العائلة في جنوب الهند، وهي معروفة بجمال طبيعتها ونقاء هوائها، وصفاء مياه ينابيعها. إلا أن النعم التي حظيت بها البلدة، لم تشمل هذه العائلة على الإطلاق، ويبدو أن لم تصل أبداً إلى مشارف بيتها.

في ذلك اليوم من سبتمبر/أيلول، تلقت إدارة المدرسة معلومات من بعض المدرسين الذين يقيمون في نفس الحي الذي تقطن فيه العائلة.

قال المدرسون للإدارة "هناك شيء مثير للريبة بخصوص عائلتها، وثمة أمور غريبة تحدث في بيتها. حاولوا التحدث إليها".

كانت استجابة الإدارة فورية، واتصلت بمعالجة نفسية من جمعية لمساعدة النساء. وفي صباح اليوم التالي كانت المعالجة في المدرسة.

وتحدثت الاخصائية النفسية مع الفتاة وجهاً لوجه في غرفة المدرسين، في حين كانت الأم الغافلة عما يجري في الطابق الأعلى تحضر اجتماعياً روتينياً بين المدرسين وأهالي التلاميذ.

طلبت المرشدة من الفتاة أن تخبرها عن حياتها وعائلتها، وهكذا بدأ حديث استغرق أربع ساعات.

في البداية قالت الفتاة إنها "تمر بظروف صعبة في المنزل، لأن والدها عاطل عن العمل، وهم معرضون للطرد من البيت في أي لحظة لعدم قدرتهم على دفع الإيجار، واغرورقت عيناها بالدموع، ثم أطبق عليها الصمت".

شرحت لها المعالجة التوعية الجنسية في مدرستها، وأخبرتها أن التحرش الجنسي بالأطفال أمر منتشر.

فتشجعت الفتاة وقالت. "هناك ما يحدث في بيتنا أيضاً. أبي يستغل أمي"، وهنا طلبت منها المشرفة تقديم بعض التفاصيل.

فردت الطفلة بأنها تعرضت ذات مرة لتحرش من قبل رجل، جاء في الأساس ليقابل والدتها، وأن والدتها حذرته، ولكن فيما بعد كان الكثير من الرجال يأتون لرؤية والدتها خلال الوقت الذي تكون فيه بالمدرسة.

تزايدت أعداد الرجال الذين يأتون إلى منزل العائلة، وبعد جلسات الشراب في آخر الليل، كانوا يتحرشون بالفتاة، كما تقول.

وحين سألتها الاخصائية النفسية فيما إن كان لديها معلومات عن الوسائل المساعدة لمنع الحمل والإصابة بالأمراض، ردت الفتاة "لا.. لا. نحن نستخدم الواقي الذكري".

كانت تلك العبارة التي جاءت في منتصف جلسة الحديث المرة الأولى التي تقر فيها الفتاة بوضوح بممارسة الجنس. وبعدها قصت على المعالجة القصة البشعة لطفولتها التي انتزعت منها.

"كان الرجال يأتون، ويأخذون أمي إلى غرفة النوم. ظننت الأمر طبيعياً، إلى أن دفعني أبي إلى الغرفة نفسها برفقة رجال غرباء".

وأحياناً كان والدها يجبرها على التقاط صور عارية لنفسها، وإرسالها إلى الرجال الذين يزورونها.

وقالت الطفلة، إن والديها انتابهما قلق شديد حين فاتتها الدورة الشهرية لثلاثة أشهر. وأخذاها إلى الطبيب، الذي طلب إجراء فحوصات بالموجات فوق الصوتية ووصف لها بعض الأدوية.

عند ذلك الحد، كانت المعالجة على قناعة تامة بأن الطفلة ضحية لاغتصابات متكررة. فاتصلت بمسؤولين عن رعاية الأطفال، وأخبرت الفتاة بأنهم سينقلونها إلى ملجأ آمن. وبدا أن الفتاة متماسكة.

وحين خرجت الأم من اجتماع الأهالي، فوجئت برؤية ابنتها ذاهبة إلى السيارة برفقة مسؤولين عن رعاية الأطفال، فصرخت بهم " كيف تأخذون ابنتي هكذا؟".

فأخبرتها المعالجة "أنهم سيأخذون الفتاة لأنها بدت مضطربة عاطفياً بعض الشيء وبحاجة لشيء من الإرشاد النفسي".

"من أنت لتسمحين لنفسك بإرشاد ابنتي من دون موافقتي؟"، لكن ابنتها كانت قد أصبحت في طريقها إلى الملجأ، وهي تعيش هناك منذ شهرين بصحبة فتيات أخريات، جميعهن ضحايا اعتداءات جنسية.

وتعاني الهند من ملف مشين بخصوص التحرش بالأطفال والاعتداء جنسياً عليهم، وفي معظم الحالات يكون المعتدون معروفين بالنسبة للضحايا، مثل الأقارب، والجيران، ورؤساء العمل، حسب السجلات الرسمية.

وفي عام 2017 ، الذي تتوفر فيه أحدث البيانات حتى الآن، سجلت 10221 حالة اغتصاب لأطفال في الهند. والجرائم في حق الأطفال في ارتفاع مستمر خلال السنوات الأخيرة.

ويقول الاخصائيون النفسيون إن قصصاً مرعبة مثل هذه ليست نادرة، وفي الملجأ الذي يأوي هذه الفتاة، هناك ثلاث فتيات تتراوح أعمارهن بين 12 و16 عاماً تعرضن لاعتداءات جنسية من قبل آبائهن.

وتقول إحدى المشرفات الاجتماعيات إنها ساعدت في نقل فتاة عمرها 15 عاماً على وشك الولادة بسبب اغتصاب والدها لها، إلى قاعة الفحص. وتتابع "حين طلبنا من الفتاة أن تسلمنا الطفل الذي أنجبته لاحقاً، قالت: لماذا علي أن أعطيكم هذا الطفل؟ إنه طفل والدي، سأربيه بنفسي".

خلال الأيام الأولى لوصول الفتاة بطلة قصتنا إلى الملجأ، كانت تنام طوال الوقت، ثم بدأت تكتب ملحوظات صغيرة هنا وهناك تعبر فيها عن مدى حبها لـ"أمّا"، وهي الكلمة التي تنادي بها أمها عادة.

من جهتها، تصر الأم على أن ابنتها "اختلقت كل تلك القصص عن التعرض لاعتداءات جنسية، لأنها كانت تتعارك معنا، وتريد أن تلقنا درساً".

وتضيف أن الأمور لم تكن سيئة في السابق، وأن زوجها كان في بعض الأحيان يكسب نحو 1000 روبية في اليوم (14 دولاراً أمريكياً، أو 11 جنيهاً استرلينياً).

وهي الآن الساكنة الوحيدة في المنزل، فزوجها في السجن بانتظار محاكمته، وابنتها في الملجأ.

وقالت الأم لـ بي بي سي "أنا أم عطوفة ومهتمة، إنها تحتاجني".

. في غياب الفتاة، يتقشر طلاء الجدران القاتمة، الجدران التي تحفظ ذاكرة ابنتها، كما تقول الأم، "كانت ترسم وتخربش على الجدران، هذا كل ما كانت تفعله".

"أصدقائي، لو كان بإمكاني التعبير عن مشاعري العميقة، سيكون ذلك إنجازاً بحد ذاته". هذه العبارة كتبتها الفتاة على ورقة، وألصقتها على أحد أبواب المنزل.

وقبل عدة أشهر، تعاركت الأم والطفلة، وعندما عادت الطفلة من المدرسة، أخذت بعض الطباشير ورسمت على الباب الخارجي شجرة نخيل وبيتاً مع مدخنة يخرج منها الدخان. رسمة خيالية تشبه ما قد ترسمه كثيرات من قريناتها. وثم كتبت رسالة اعتذار سريعة على الباب، وخرجت من البيت. "آسفة أمّا". قالت الطفلة في رسالتها.إنه الاعتذار الوحيد في هذه الحكاية حتى الآن، ولم يقدمه أحد سوى الضحية.

 


بي بي سي

  

         

بحث