المرحوم المختار ولد داداه يكتب عن معركة الاستقلال في نيويورك1960

اثنين, 25/12/2023 - 14:35

وصلتُ إلى نيويورك يوم 3 ديسمبر 1960 لكي أتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، على نحو ما يفعله الرؤساء تعبيرا عن دخول بلادهم في أهم منظمة دولية. بيد أن السفير الفرنسي أرمان بيرار أخبرني بأن ترشيحنا الذي تبنته فرنسا وتونس قد استعمل ضده الاتحاد السوفياتي الفيتو، وكان في ذلك إحباط كبير للموريتانيين الحاضرين. غير أنني لم أرغب في إظهار هذا الإحباط للآخرين. وقد صرحتُ بعد صدور الفيتو السوفييتي بالقول: «إن المغرب الذي كان أكبر منهزم هذا الأسبوع بسبب تبرئ الدول الإفريقية منه، قد سعى إلى التحالف مع الاتحاد السوفييتي، وجر إفريقيا إلى الدخول في صراع الحرب الباردة».

 

وفي الدورة التالية سنة 1961، تبين أن حسابات الاتحاد السوفييتي كانت صحيحة، رغم وقاحة الأسلوب الذي اتّبعه، فقد كانت فورموزا (تايوان) بحاجة ماسة إلى دعم الدول الإفريقية ليتسنى لها الاحتفاظ بمقعدها الذي تطالب به في الوقت نفسه جمهوريةُ الصين الشعبية، والمجموعةُ الإفريقية مصرةٌ كلَّ الإصرار على مساندة موريتانيا حتى تدخل هيئةَ الأمم المتحدة، وإن كلف ذلك ما كلف. فكان عليها أن تستخدم كافةَ الضغوط على فرموزا حتى ترفع الفيتو عن دخول منغوليا، فآل الأمر إلى أن أذعنت تايبيه لهذا المطلب. وهكذا نجحت الجمهورية الإسلامية الموريتانية، بمؤازرة أصدقائها الذين لن ينسى الشعب الموريتاني صنيعَهم هذا في ولوج باب الأمم المتحدة، وفي أن تجرَّ معها جمهورية منغوليا إلى دخول القصر الزجاجي في نيويورك، حيث دخلتا معاً الأمم المتحدة يوم 27 أكتوبر1961.

 

ورغم ما حصل لي من إحباط بعد فشل ترشحنا لعضوية الأمم المتحدة في ديسمبر 1960 أمام مجلس الأمن، فإن مقامي في نيويورك لم يخل من أهمية. فقد تمكنتُ من الاتصال بوفود كثيرة تنتمي إلى مناطق جغرافية مختلفة، والمجموعة الوحيدة التي كانت تتجنب لقاءنا هي المجموعة المشرقية. وخلال هذه الزيارة قابلتُ وفداً من الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، يتكون من محمد يزيد وأحمد فرانسيس، وهو لقاءٌ لم يُرض إطلاقاً الفرنسيين، لكنهم لم يعتبروه في النهاية أمراً خطيراً لا في نيويورك ولا في باريس. وفي العاشر من ديسمبر 1960 استقبلني الرئيس آيزنهاور، وكان اللقاء ودياً وفيه سألني عن بعض القضايا المتعلقة ببلادنا وخاصة الحياة البدوية التي يبدو أنه كان يهتم بها اهتماماً خاصاً. ثم أخذ في مواساتي بشأن فشلنا في الدخول إلى حظيرة الأمم المتحدة، فأكد لي وقوف الولايات المتحدة الأميركية إلى جانبنا، وقال إنه مقتنع بأن بلادنا ستنجح في دخول الأمم المتحدة خلال دورتها المقبلة. وأعتقد أني كنتُ آخرَ رئيس دولة أجنبية يقابله قبل أن يسلِّم السلطةَ إلى الرئيس جون كندي.

 

المصدر : مذكرات الرئيس الراحل المختار ولد داداه/ «موريتانيا على درب التحديات»

 

من صفحة الاعلامي محمد ولد المنى 

Essada

في الصورة أعلاه كل من :

 

المختار ولد داداه 

سليمان ولد الشيخ سيديا

في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي 

دوايت آيزنهاور