مقابلة ساخنة ومتوترة أجريتها مع الرئيس السنغالي

أربعاء, 18/05/2022 - 20:52

كتبت هذه التدوينة تحت عنوان "مقابلة ساخنة مع عبد الله واد" وهو الرئيس الذي كان يحكم السنغال قبل رئيسها الحالي ماكي صال ,وذلك قبل سنوات , وقد جاء فيها :

 

((كنت يومها صحفيا بارزا أدير صحيفة مشهورة واسعة الانتشار..

رن هاتفي..كان السفير السنغالي في نواكشوط على الطرف الآخر ..."مسيو فلان...نعم..آمباسادير دَ سينغال ...الجملة الوحيدة التي فهمتها بوضوح...وفهمت منه أنه يدعوني للقائه..

توجهت لمبنى السفارة...

السلام عليكم...كيف حالك بالولفية... قلتها للسكرتيرة...

استجمعت كل مفردة تعلمتها أيام كنت في "اللوكَة" وكّاف في بوتيك ابراهيم..

...آه...ابراهيم..تذكرته الآن..هو رجل بدوي..كنت وزميلي محمذن باب نكاد نموت من الجوع والتعب في دكانه...الأكل رديء..العمل شاق..من طلوع الفجر الى الواحدة ليلا...

..نسكن "مكَزينه" ملحقة بالبوتيك.. مترين في متر....

قلت لابراهيم ذات مرة غاضبا :

أنتم من سبب لنا نظرة الاحتقار التي ينظر بها الينا "لكور"

...منظرنا...مأكلنا...مسكننا...انظر الى اللبنانيين...الى المغاربة...

سيارات فخمة...فيللات...مكاتب مؤثثة....ملابس أنيقة...أجسام نظيفة..

نظر اليّ متعصبا...صاح بصوت مرتفع..."آن يبويَ ما جايبتني هون كرشي..آن جاي انعدّل طشة من همي وراجع"....اسمع يا ولدي...نصيحة مني ...ابليده مانك الخ....عدّل فيهَ ال تبغي...

أعطيني حسابي حالا...قلتُ له...لا يمكنني أن أعيش سجينا....تبسم متهكما وقال : حسابك؟

انت لم تكمل شهرا بعد.....خرجتُ من دكانه غاضبا..أعطاني زميلي "ابّاص"

قلت للسكرتيرة : أهذا رقم السفير...نعم رقمه..

لقد اتصل بي قبل قليل ...هل تعرفين لماذا؟

لم تجبني..

دخلتْ مكتبه...عادت بسرعة..أشارت اليّ...دخلتُ..

مكتبٌ فخم...ملحق به جناح للانتظار...

وجوه كثيرة..عرفت من بينها..مختار صار...حاميدو كان..

رئيس حركة "افلام" تام صمبا..

با عصمان..قبل ان يصبح وزيرا...

تبادلت اطراف الحديث معهم..يتقنون الحسانية كلهم..
الا "احمد ولد حمزة" قبل ان ينتخب رئيسا للمجموعة الحضرية..

كان يجيد الولفية أكثر من السفير نفسه...

دخلتُ على السفير...أشار إليّ بالجلوس ...كان بجانبه مترجم ,قال  :

"وصلتني رسالة من الخارجية في داكار تدعوك مع بعض الصحفيين الاجانب

لمقابلة الرئيس بمناسبة اليوم الوطني..

الرئيس عبد الله واد شخصيا؟ ..نعم عبد الله واد..

السفر بعد أسبوع...التذاكر ستكون جاهزة...

الفندق محجوز...مبلغ من العملة الصعبة..

"ذيك أفصل آن فيهَ كاع..واتخلوني عنكم".."حديث النفس"..

أمضيتُ الاسبوع في محاولة لتحسين لغتي الركيكة...

وصلت داكار العاشرة ليلا...أحدهم يناديني باسمي... ..قلت : مَن يعرفني هنا...آه ..إنه شخص من التشريفات..

في الطريق من المطار الى الفندق الراقي على الشاطئ...

تمنيت عنهم يُعيرونا شركة نظافتهم مدة شهر واحد...

في الفندق استبدلت ملابس السفر ..

لبست دراعة من شكة 42 ...نزلت الى المطعم في طابق تحت الارض..

أعوذ بالله...رقص...خمر...مجون...طلبتُ الاكل والشراب..

أحضروا خمرا...ما هذا؟ ..خمر؟.أنا أريد ماء...الجرسون يضحك حتى كاد يسقط...

ماء؟ ..قالها بفمه الواسع...هنا بار..خمارة...لا ماء ولا لبن...

خرجت مسرعا...القوم كلهم سكارى...

مقابل الفندق ضوء خافت...يشبه ضوء "السندل" يخرج من دكان صغير...

شاب أسمر...موريتاني..اكشاطه يوحي بجنسيته...دخلت الدكان ...قلت :

اعطيني نصف امبورايه فيها 10 من بير.... من فضلك وكاس من أتاي...

اعتذر دون ان ينظر إليّ....قال :...سأغلق بعد قليل...نوع من صوع الخطار لملس عايدْ...شيء معتاد...

في الصباح ذهبت أبحث عن مكان أشرب فيه الشاي...أحس بآلام في الرأس بسببه...

بحثت طويلا...ثم عدت... الناس مشغولون في أعمالهم...

عدت الى الفندق..دخلت الحمام ...غيرت ملابسي...الساعة الواحدة تماما دخلت على الرئيس ...

كنا مجموعة....عرفني فخامته بداهة بالدراعة.....طلبتُ إحضار مترجم عربي...
جاء ابن عم العمدة "صو دينه" رحمه الله..لكنه أكثر منه "اتبزكي"

كان حديث الرئيس بالولفية مخلوطا بقليل من الفرنسية أوضح من حسانية "موسى افال ..

منظر "واد" العجوز....الكرسي يبتلع ثلثي جسمه المتهالك...يوحي بالهدوء والحكمة...

بدأ حديثه مبتسما ...فجأة..انتفض من جلسته واعتدل قليلا...بدأ يكيل الشتائم لرئيسنا...

يستهزئ...يسخر... يرسل ضحكات متعالية...طقم أسنانه سقط ثلاث مرات...

انتم رعاة أغنام...لا.. لا..انتم بهائم...لو كنتُ مكان الرئيس عبدو ضيوف 89 لقتلت جاليتكم كلها...كلها...لا تستحقون الحياة...سنفعل بكم كيت ...وكيت..

...جلس باعوجاج..ترك رأسه يميل للوراء في حركة استفزازية أخرى.. وقال :

تفضل بطرح أسئلتك...

أسئلتي؟....ابتلعت ما تبقى من ريقي ,ثم اعتدلت واقفا.....قلت له بصوت مرتفع يسمعه البعيد قبل القريب :

واد..."يحرك أوديْديجات بيْ بو بوك أُبيْ بو ذاك وبيْ ال ما يحَرَّك اعل بيّك

يمحروك بيُّو.....

ترجمْ لو ذاك يا موسى افال))

توجهت بعدها مباشرة الى المطار ...

 

 

بقلم/ محمد محمود محمد الامين