طيار موريتاني يكشف أنواع الفساد الذي دمر ،،الموريتانية للطيران،،

أحد, 10/04/2022 - 12:56

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على النبي العربي الكريم وعلى الآلوالصحب

مازالت الموريتانية للطيران تعاني أزمة غير مسبوقة إذ توقفت جميعطائراتها خلا واحدة، مما أرغمها على إلغاء أو تأخير الكثير منرحلاتها واستئجار طائرتين أجنبيتين مع طواقمهما لتغطية العجز لالشيء عدا سوء برمجة عمليات صيانة روتينية. ورغم نشر الشركةبيانا للعموم بتاريخ السابع والعشرين من الشهر المنصرم تشرح فيهتبريراتها، وهي واهية لكل ذي علم بالقطاع، وعدت الشركة  بعودةالأمور لطبيعتها يوم الثلاثاء التاسع والعشرين، إلى يوم كتابة هذهالسطور، 8 أبريل، لا تزال الأزمة في أوجها مما يؤكد مرة أخرىالضعف التنظيمي للشركة والتي لم تصدر بعد بيانها الأول و الوحيدأي توضيح أو اعتذار لزبنائها.

مواصلة لمقاليّ السابقين و التي نسبت في أولهما أهم عوامل فشلالناقل الجوي الوطني ألا وهي التصور المبهم للقطاع لدى صناعالقرار بسبب غياب نظم وأهداف واضحة يختار لها مسيرون ذووخبرة، و محاطون بمتخصصين قادرين على إرشادهم. و سأشرح فيهذا المقال عوامل فشل أخرى هي نتيجة حتمية للعامل السابق.

تتسم كيفية تحديد الموريتانية للطيران لخطوطها الجوية، وعلى أحسنحال بالضبابية، فلا أهدافا واقعية يتعين الوصول إليها ولا نظرةطويلة الأمد تطبعها، ولا تدرس جدوائيتها الاقتصادية بطريقة علميةمسبقة، فجُل الخطوط هي إرث وجدوا أسلاف الشركة عليه ويطبقدون إعادة تقييم وذلك حتى يتضح بما لا يقبل مجالا للشك إخفاقهالتجاري، فيُتعلم منه بعد فوات الأوان.

وكمؤشر على جدوائية الخطوط الجوية، سأنتقي المؤشر المتدني لدىالشركة لنسب تعبئة الطائرات، نسب تكابد الشركات الجوية أن تكونفي أوجها، ولو اقتضى ذلك تخفيضا موسميا لأسعار التذاكر، إنبرره إزدياد المداخيل المالية، فالأصل أن المقعد الخالي هو خسارةبعينه.

إليكم مثالا عن ذلك: خط نواكشوط – الدار البيضاء من أقل الخطوطركابا فلو قورن بنسبة تعبئة الملكية المغربية على الخط نفسه لوجدناالأخير شبه مكتظ طيلة السنة، ومن أسباب ذلك انتظام الملكيةالمغربية و تفوق خدماتها، لكن السبب الرئيس هو أن الكثير منالركاب ليسوا متوجهين أصلا إلى الدار البيضاء و توفر لهم الملكيةالمغربية استمرارية رحلاتهم إلى وجهاتهم النهائية، بعد توقف فيمطار الدار البيضاء. أما الموريتانية للطيران فعاجزة عن ذلك، إذ ليسلديها تحالفات مع شركات جوية ناقلة من مطار الدار البيضاء عبرترتيب “الرمز الموحد” “CODESHARE”، الذي يسمح للموريتانيةللطيران ببيع تذكرة القطرية للطيران، على سبيل المثال، لتقلهالموريتانية للطيران إلى الدار البيضاء ومنها إلى الدوحة على متنالقطرية، ولكن ما من شركة نقل جوية، تتمتع بقدراتها العقلية،ستسمح بإركاب مسافريها على متن شركتنا الوطنية بسبب الفرقالشاسع بين خدمتي الشركتين المقدمتين.

أضيفوا لذلك عدم وجود وسيلة متابعة أو آلية مراقبة انتظام الرحلات،مما يضعف ثقة المسافرين وعزوف الكثير منهم عن استغلال الشركةالوطنية واختيار أخريات أكثر انتظاما رغم تعلق الموريتانيين ووفائهملشركتهم الوطنية، وكمثل على دقة المواقيت مثل الشركات الأجنبيةالتي نكاد نجزم بمواقيت مغادرتها ووصولها مطار نواكشوط.

نتيجة انتقاء وتكوين الطواقم التجارية الجوية، يتفشى امتعاضالمسافرين من قلة نظافة الطائرات ورداءة المعاملة وسوء الخطاب،لضعف المستويين اللغوي والتربوي،  و في ذلك ضررا بصورة الشركةوالبلاد من ورائها هذا إذا اعتبرنا أن الناقل الجوي الوطني أحدممثلي البلاد، يمثل قدراتها التنظيمية، و سيادتها على قطاع استراتيجي. فكم من مرة، سمعت أحد الركاب  معبرا عن حنقه تجاه الشركة، بسبب رداءة الوجبات المقدمة، أو تأجيل رحلته، أو تأخر أمتعته وحتى ضياعها. لم تكن خدمات الشركة لتصل إلى هذا الدرك من التدهور إلا بسبب غياب مراقبة حكومية على أداء الموريتانيةللطيران تضمن وتصون مصالح المسافرين..

تمتلك الموريتانية للطيران كل أسطولها من الطائرات شأن نادر بيننظيراتها لكلفته المالية  الرادعة، أما  عملية انتقاء الطائراتواستملاكها فذاك موضوع يطول الحديث عنه و له أفردت مقالاسأوافيكم  به لاحقا، و سأكتفي بالقول في هذا المقام إن استئجارالطائرات حسب احتياجات الشركة الحقيقية من نوع خطوط جويةوقدرة استيعابية أجدى بكثير وأقل كلفة، لما يتيح للشركات الجوية منمرونة اقتصادية حسب الطلب، بدل ركن الطائرات في مطارنواكشوط تتسمّر تحت شموسه الوهاجة  وتتصدّأ في لياليه الرطبة. مما سبب في تقصير الأعمار العملياتية للطائرات و زيادة كلفةصيانتها. فهاكم مجالا بشأنه لا يمكن الاحتجاج بضعف موارد الدولةالمالية، كما درج على ألسنة البعض كحق أريد به باطل،  فقد صرفتمئات الملايين من الدولارات لشراء الطائرات لا غير.

إن ملكية الشركة لكل طائراتها معناه أن جزءًا عظيما من نفقاتها قدغطي فعلا، إضافة إلى توفر طواقم تقنية و تجارية وطنية لم تكوِّنالشركة معظمهم و بأدنى أجور المنطقة يزيح عن كاهل الشركة عبئاماليا لا يقل أهمية، و إن لم يكف كل ذلك فالشركة لا تدفع، كباقيالشركات المنافسة،  مستحقات الوكالة الوطنية للطيران المدني(ANAC) ولا مستحقات شركة مطارات موريتانيا (SAM), وقد جفحبر الأخيرتين مطالَبة لمستحقاتهما دونما جدوى، لكون الموريتانيةللطيران حظيت وتحظى بدنو سمع صانع القرار، وإن لم يكف كلسالف الذكر!! فالشركة لا تدفع للدولة ولا تطالب الأخيرة  بالضرائبالمستحقة على بيع التذاكر. إن فشل شركة جوية لها كل الامتيازاتالمذكورة أعلاه يتطلب قدرا عظيما من اللا مهنية والسفاهة.

يتواصل…

حفظكم الله

 

الطيران المدني في موريتانيا (3)
القائد الطيار: أبوبكر ولد بيها

  

        

بحث