مفاجأة الحوار الجاري هي حضور الرئيس السابق عزيز له

سبت, 30/10/2021 - 12:36

ما أجمل ان تكون غائبا حاضرا ولا تكون حاضرا غائبا

في السياسية لا مجال للمساومة على المواقف ما دامت مبنية على وقائع حقيقية وملموسة، متزنة ومتناسقة مع رغبات الناس، وآمالهم، وأحوالهم، وما يتعرضون له عن قصد أو عن جهل من السلطة الحاكمة.

ولا مجال أيضا للتخلي عن الدور الحزبي الذي أقره الدستور وأقرته القوانين الناظمة والنظم الداخلية والقرارات ودوافع الانتساب للأحزاب السياسية "الدوافع السياسية البحتة"، والحزب ليس ملكا شخصيا، وليس كذلك مؤسسة تسير طبق رغبات الغوغاء، والعاطفيين، الحزب مؤسسة أنشأت للنفع العام، وخدمة المجتمع، يجتمع فيها مواطنون على أمل تحقيق أهداف مشتركة والنهوض بالبلد إلى أسمى المراتب.

وحزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال ليس ملكا للرئيس السعد ولد لوليد، ولا للرئيس السابق القائد محمد ولد عبد العزيز، بل هو حزب لكل مواطن يريد أن يتشارك هموم الوطن ويعمل على إيجاد حلول لها، من خلال عمل سياسي بناء، ومن خلال فاعلية وديناميكية الفعل السياسي.

حزب الرباط، عندما قررت قيادته المشاركة في الحوار، لم تقم بذلك بالنظر إلى اعتبارات شخصية، بل بالنظر إلى مصلحة الحزب أولا، ثم مصلحة القادة الذين يقودونه، والمشاركة ليست اعترافا للنظام بجديته، ولا بجدوائية ما يقوم به، فتلك أمور لا تتحدد إلا من خلال تعاطي النظام مع ما سيطرح في الحوار من أفكار ومقترحات ومن مشاكل يعاني منها المواطن أكان رئيسا سابقا مظلوما مسجونا خارج إطار القانون، أم كان صاحب حق ممنوع من حقه أيا كان.

 أما حزب الرباط فحضوره الذي فاجئ الرأي العام، في عدة أمور كانت ولا تزال مثار تساؤلات كبيرة من النخب، ومثار إعجاب من ألد الخصوم، كان أمرا طبيعيا لحزب سياسي يرفض أن يترك الساحة لمن يعبثون فيها بأساليب سياسية غير مجدية، ذات مطامح ومطامع نفعية شخصية، وتلك ليست هي رؤية الحزب، ولن يقبل بترك الساحة لأولئك يفعلون كما يحلوا لهم، أبدا مطلقا.

لقد تفاجئ كما قلت الرأي العام بحضور الحزب ممثلا في رئيسه الدكتور السعد ولد لوليد، وبرز ذلك جليا في حديث رئيس حزب الحاكم سيدي محمد ولد الطالب أعمر الذي خاطب الرئيس الدكتور السعد ولد لوليد، قائلا: "فاجأتني شجاعتكم، وجرأتكم، ومتأسفون حقا على ما في جعبتنا من سوء تقدير لمقامكم العلمي والفكري وقدرتكم الفائقة على الفعل السياسي".

ورغم أن هذا الكلام ساذج بالمفهوم السياسي، ورغم أن قائله لا يملك من أمر حزبه شيئا، إلا أنه جاء كتعبير تلقائي عن شدة الصدمة التي تعرض لها قادة الحزب الحاكم ومن يوالونهم من معارضة المصالح، وشخوص الفعل المشخصن، ومن يوالونهم كذلك من الهاربين من عشريتهم والمتنكرين لها الرامين عليها كل أفعالهم المشينة.

الحقيقة التي يحاول النظام إخفاءها هو مستوى الارتباك الذي عرفته مسرحية التمهيد للحوار، بسبب مستوى الجدية الذي أضفاه عليها مقدم الدكتور السعد ولد لوليد، وكأنهم جميعا ضد هذا الرجل، ويقف صوبهم وقفة لا يضاهيها في الصمود والإباء إلا وقفات الشجعان من أبناء قريش الذين جابهوا الكفار حيث لم يكونوا يتوقعون منهم ذلك، وكأني بالقوم يرددون : عجبا لهذا (السعد) كيف تجرأ على المجيء وكيف أخطأنا تقدير حضوره". لم يعد هناك إمكان بتنظيم حوار صوري ولا تلافي مواجهة ضرورة إصلاح العدالة، وللطيبين أقول، معنى إصلاح العدالة، يندرج فيه كل ما يتعلق بالرئيس السابق.

محمد فاضل الهادي

 

       

بحث