شهادة نادرة في حق المختار ولد داداه من مرافقه العسكري(ج2)

سبت, 28/11/2020 - 14:51

كان الرئيس المختار يسافر دون أي حارس أمني مقرب وبدون خادم، فارضا على نفسه دائمًا، وعلى جميع الوفود التي ترافقه، نظاما جافا من حيث ما يسمى "بنفقات المهمة". كان هناك فقط مبلغ مالي زهيد يُعهد به إلى شخص من حاشيته المباشرة يجعل من الممكن، إذا لزم الأمر، دفع تكاليف الإقامة والتموين لأعضاء هذه الوفود عندما لم يكن يتكفل بها البلد المضيف، بالإضافة إلى الإكراميات  المتواضعة التي تقدم لموظفي خدمة الفنادق، وقد يتم إستخدام هذا المبلغ أيضًا، من وقت لآخر، لمساعدة مواطنين، طلاب أو غيرهم، يواجهون مشاكل في البلدان المزورة.

 على أي حال كان الرئيس المختار يتأكد أن أي مبلغ أنفق يتم تدوينه وتبريره بشكل منهجي في بيان النفقات، الذي يصدق على مطابقته بنفسه بتوقيعه الخاص، قبل إرساله إلى الخزينة العامة، مصحوبا، عند الإقتضاء، بما تبقى من هذه المبالغ، مقابل إبراء الذمة.

وإذا وقع أبسط تجاوز في تسيير هذه المبالغ تتم معاقبة مرتكبه بشكل منهجي من خلال رسالة إشعار رسمي موقعة من طرف الرئيس شخصيا موجهة إلى صاحب هذا التصرف للمطالبة بتسديد النفقات غير المبررة.

 وهكذا، في صباح أحد الأيام، قبل ستة أو سبعة أشهر من مغادرتي وظيفة المرافق العسكري، وعشية رحلة كنا سنقوم بها إلى تونس، إستدعاني مدير ديوان الرئيس، عبد العزيز ولد أحمد، في مكتبه ليخبرني أن الرئيس قرر أن أصبح أمين صندوق الوفد وأنه كان علي الذهاب إلى البنك المركزي لإستلام القيمة المقابلة لمبلغ أربعمائة ألف أوقية من شيكات السفر.

 طلبت بإلحاح من مدير الديوان أن يبلغ شكري للسيد الرئيس على ثقته ولكني أطلب منه أن يعفيني من هذه المهمة لأنه، مع راتبي الشهري البالغ 16000 أوقية، والذي كنت غالبًا ما أصرفه قبل الخامس من الشهر، قد لا يكون من الحكمة ائتماني على هذه المبالغ.

 بعد الظهيرة، إتصل بي عبد العزيز مرة أخرى ليخبرني أنه أبلغ الرئيس بما قلت، لكن الأخير لم يرغب في سماع أي شيء، وبالتالي كان على الذهاب إلى البنك لإستلام المبلغ الذي حدثني عنه في الصباح.

 قمت بذلك بدون حماس، وأنا أطرح على نفسي هذا السؤال المزعج: كيف وأين سأتمكن من الإحتفاظ بهذه المبالغ التي لا يمكنني تعويضها في حال ضياعها أو سرقتها ؟

 في اليوم التالي حوالي الساعة الواحدة ظهرا و بعد وصولنا إلى المنستير في تونس، وبعد إستقرار الرئيس في جناحه بالفندق، أوقفني هذا الأخير للحظة ليقول لي: ياملازم،

يتبع ان شاء الله

للعودة للجزء الاول يرجى الضغط هنــــــــــــــــــا

       

بحث