الطريقة الغزوانية للوصول إلى السلطة(ج18)

خميس, 26/11/2020 - 17:26

37 – الطريق

الطريق للوصول إلى السلطة فى موريتانيا واضحة، وهي أن تكون لديك خبرة وتجربة طويلة فى الجيش، وأن تتقلد وظائف بعينها هي على العموم : إدارة الأمن، أو قيادة الحرس الرئاسي، ثم قيادة الأركان، ثم وزارة الدفاع. ثم عليك أن تلبس الدراعة أو ربطة العنق، وتأخذ قليلا من الزعامة أو ما يسمونه بالكاريزما، هو الذخيرة التي سوف تحتاج إليها لخوض معركة الإخراج والانتخابات، مع عامة الشعب والمدنيين “سيويل”، وأنت لست منهم. يقول لك الطيور : “أنت لست منا.” ويقول لك الوحوش .. “أنت لست منا.”

ولا تنس أن المدنيين – بطبيعتهم – لا يحبون العسكر؛ يتهمونهم بالجهل، وأن صاحب أكبر كاريزما فى العلم هو آنشتاين الذي كان يقول إن العسكر “لا حاجة لهم بالدماغ، لأن السير بخطى منظمة على إيقاع موسيقى عسكرية، لا يحتاج صاحبه إلى تفكير، فالنخاع الشوكي يكفيه.”

ويرد العسكر أن علم آنشتاين، كان سببا فى أسرع دمار عرفته البشرية فى الحرب، حين دمرت أمريكا ناكازاكي وإيروشيما فى اليابان، بالقنبلة الذرية.

ويقول العسكريون فى موريتانيا، إن المرجعية فى العلم هو الشيخ خليل وهو عسكري، وإن “عسكر” فى العراق، هي مدينة الشرف والعلم، ورمزها أبو هلال العسكري.

على جميع المدنيين الطامحين للسلطة أن ينتظروا طويلا، خارج الملعب، إذا لم تكن لديهم تجربة عسكرية. وعلى عيونهم أن لا تتعدى حواجبها، وأن يقتصر الطموح على أدوار هامشية : زعامة أحزاب سياسية، وظائف “سامية”، حقائب وزارية، مقعد فى البرلمان، أو شيء من ذلك القبيل.

لا عبرة لمنصب الوزير الأول فى موريتانيا فى تحصيل الأهلية للوصول إلى السلطة، فالوزير الأول عندنا، ليس رئيسا للحكومة، وإنما هو وزير أول فحسب، رغم أن الأسماء التي راجت فى نهاية المأمورية الثانية، كان من بينها ولد محمد لغظف، وولد ببكر.

رئيس الوزراء الذي يصبح رئيسا، أمر يصلح فى السنغال؛ لأن النظام السياسي فيها نظام مدني بحت، لا دخل فيه للعسكر. لكنه لا يصلح فى موريتانيا لأن الحكم فيها بيد الجيش. قوى المعارضة التي دعمت ولد ببكر أساءت تقدير الموقف، إلا إذا كان الأمر جزءا من الإخراج، أو أنهم – أعني الإسلاميين – أرادوا المشاركة فحسب؛ حتى لا يتركوا فراغا سياسيا فى الساحة أيام الحملة، يحتله الخصوم. أو أنهم أرادوا قياس وزنهم الانتخابي فى حال دعمهم لمرشح خارجي، دون أن يدخلوا فى مواجهة صريحة مع مرشح النظام. إذ كانوا قد حددوا وزنهم الانتخابي فى حال مواجهة النظام بمفردهم، حين رشحوا زعيمهم جميل ولد منصور 2009.

المعارضة مجال حر للمدنيين، يلعبون فيه ويمرحون كيف شاءوا، بشرط عدم الاقتراب من قصر الرئاسة.

38 – الماء

يتبع أن شاء الله...

  • يرجى الضغط هنا للرجوع للحلقة الماضية

عن/ ريم فييد

       

بحث