الطريقة الغزوانية للوصول إلى السلطة(ج12)

أحد, 25/10/2020 - 12:26

 26– الحكومة

الجيش يُحكم سيطرته التامة على البلاد فى الوقت الراهن. أما البقية الباقية من الصلاحيات لدى الحكومة والتكنوقراط والسياسيين، بعد استحواذ مؤسسة الرئاسة على تسيير مشاريع “تعهداتي”- فتلك جاءت كورونا، ومحقتها أيضا لصالح الجيش.

 جميع الأمور أوكلت للجيش فى الأوضاع الاستثنائية السائدة جراء الجائحة. جُرد وزير الصحة من صلاحياته فى تسيير الأزمة، بعد أن كان يخطف الأضواء فى الإعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي، من بقية زملائه فى الحكومة. وكاد أن يقع فى فخ عقدة الملك من السيد، مع رئيس حكومته، وحتى مع الرئيس.

جردت الإدارة الإقليمية فى الداخل من آخر ما كان لديها من سلطات. الوالي والحاكم أصبحا مصلحة بريدية لتوصيل الرسائل، لم يعد لهما دور فى الانتخابات، ولا فى توزيع القطع الأرضية، ولا تنظيم الأسواق والنقل، ولا أي من الأمور التي تهم السكان، كالصحة، والتعليم، والماء والكهرباء.

أمن الحدود، وحظر التجوال، وتقسيم المساعدات النقدية والسلات الغذائية، أمور تحبها الأحكام الاستثنائية. لكنها – فى النهاية – لا تسمن من جوع، ولا تؤمن من خوف.

والدولة البوليسية – وفق نزار – هي ذلك النظام الذي يكون فيه الطير خائفا، من بقية الطيور.

27 – الإنصاف

هذه أحكام انطباعية قاسية على نظام الحكم فى موريتانيا، تأتي فى سياق محدد، لكنها ليست إلا أحكاما ابتدائية؛ فالإنصاف، والواقعية، يقتضيان منا أن ننظر إلى الأمور بشكل أعمق.

النظام الموريتاني، نظام فريد من نوعه؛ له ما له، وعليه ما عليه.

فهؤلاء العسكريون الذين يحكمون البلاد منذ أربعين عاما، حققوا أشياء كبيرة وجميلة. ضمنوا الأمن والاستقرار، وعملوا على بناء مؤسسات دستورية باقية للشعب. يمسكون العصى من المنتصف؛ لم يقعوا فى تعسف الأنظمة الشمولية، ولم ينجروا إلى فوضى الحريات المطلقة.

أفرغوا السجون والمفوضيات، من سجناء الرأي، حققوا تقدما كبيرا فى جميع مرتكزات الديمقراطية : الحرية، والعدالة، والمساواة. ويعملون جاهدين على حل مشكلة الماء، والكهرباء، والمستوصف، والمدرسة، والنقل، والاتصال.

قال ولد محمد فال عندما سئل عن الضمانات التي وضعوها فى المرحلة الانتقالية من أجل التخلي عن السلطة لصالح المدنيين : “رفعنا الجدار عاليا، بحيث لا يمكن لواحد منا تسلقه بسهولة”، وهذا الجدار هو جدار المنظومة الانتخابية التي أصبحت عائقا قويا أمام أي تحول غير دستوري، وذلك الجدار هو الذي ارتطم به ولد عبد العزيز فى حربه على النشيد، والعلم، من أجل ما كان يعتقد أنه المأمورية الثالثة، فآل به المطاف إلى ما هو فيه الآن.

الانتخابات التي يفوز فيها مرشح النظام ليست مزورة، كما يدعي الخاسرون فيها كل مرة.

النظام الانتخابي الموريتاني نظام جيد، ولا تحتاج معه السلطة القائمة إلى تزوير لضمان النتيجة؛ فلديها من أصوات المواطنين الحقيقيين ما يكفي لضمان النسبة المطلوبة. إذ أغلب الموريتانيين لا يؤمنون بالحكم الديمقراطي، ولا يرغبون فى التغيير، ويعطون أصواتهم تلقائيا للنظام القائم، مهما كانت طبيعته.

ولدى النظام أيضا من وسائل الضغط على بقية الناخبين، ما يغنيه عن التزوير، فمرة يستخدمون لعبة الألوان مع الثيران، ومرة يستخدمون العطايا والهبات.

الشعب الموريتاني والمواطن البسيط، لا يريد منهم – فى النهاية – إلا شيئا واحدا، هو ضمان الأمن والاستقرار، وذلك الذي يريده الشعب هو المعيار العادل فى الحكم على النظام. الناس فى بلادنا لا يطلبون من الحاكم صحة، ولا تعليما، ولا حتى لقمة عيش. يريدون منه العافية فقط. يقولون : “العافية، لا يعدلها شيء“.

كما أن الجهات والقبائل لا تخطط للانقلابات، ولا تشارك فيها بشكل منظم، والرؤساء لا ينتمون إلى قبائلهم، إلا بعد وصولهم إلى السلطة، عبر وسائلهم الخاصة. وكل رئيس عندما يأتي، تتبناه القبيلة أو الجهة التي ينتمي إليها؛ ثم تفرض عليه نفسها، ويفرضها عليه المجتمع وسائر القبائل والجهات ما دام فى السلطة؛ يأخذون خيره ولا يجعلونه وطنا. وحين يسقط، يتخلون عنه، ويعلنون براءتهم منه، خوفا من نار السلطان الجديد، لا يطلبون إلا العافية، ولا ينجيهم ذلك التخلي، ولا تلك البراءة، من غضب السلطان.

28 – الكبريت
للرجوع إلى الحلقات الماضية ،يرجى الضغط هنا
يتبع إن شاء الله .....
نقلا عن / ريم فييد

       

بحث