ال داير لمهابة يشريها؟ (مقال رائع يستحق القراءة)

أربعاء, 27/05/2020 - 21:08

بغض النظر عما دار بين الدورية والشيخ من حوار قبل اعتقاله فإن الطريقة التي انتزع بها الشرطي الشيخ من المكان الذي أغلق عليه بابه والطريقة التي فتح بها الباب ليست تصرف من يحمل شارة الدولة ويلبس زيها الرسمي! حتى ولو كان من يقبض عليه قاتلا أو لصا متلبسا!

هذه الدورية أساءت لكل شيء؛ الأخلاق والدين والمروءة والدولة والشرطة والوطن.. يجب أن يعي أفراد أمننا أن هذه التصرفات لم تكن في يوم من الأيام مباحة، وإن كانت في السابق تمارس خفية، وينجو أصحابها من العقاب فهذا لا يعني أنها حق من حقوق أفراد الأمن.

إنها اعتداء على القيم والأخلاق ومهمة الشرطي، يقع الآن حين يقع تحت أعين الناس وبرقابة..

اخترع أفراد أمن الطرق عقوبة مذلة من عند أنفسهم فعوقبوا وحسنا فعل الجهاز بتواصله مع الناس وتفاعله مع الرأي العام.. وبعدها يظهر الفيديو الحالي ليخبرنا أن الشرطة تعامل المسنين بهذه الطريقة..

المعضلة أن ما يكشف من هذا يدلنا على ما يمارس في الغرف المغلقة، وفي المخافر، وفي السيارات بعد الاعتقال.. لا يمكن أن نصدق أبدا أنهم اعتقلوه بهذه الطريقة وأكرموا نزله ووفادته، ولا يمكن أن نصدق أنه الاستثناء من بين كل الموقوفين في ليالي حظر التجول.

المعضلة الأشد أن هذه التصرفات تأتي بعد قمع الطلاب أمام الكامرات، وبعد التنكيل بكل متظاهر قاده الحظ السيئ إلى لقاء مع شرطي، وهي في الحقيقة تأكيد لتاريخ طويل عريض من الاستهتار بكرامة الناس وبمشاعرهم، والنظر إليهم من عل..

يجب أن ينتبه وزير الداخلية ومدير الأمن وغيرهم من القيادات المباشرة لهؤلاء إلى أن هذا الصنف من الممارسات يجب أن ينتهي، ويجب أن يدرب أفراد شرطتنا على احترام الناس، فمن احترم الناس احترموه أو خافوه، ومن أذلهم احتقروه، ومن حملهم على الصعب لووا ظهورهم عن التعاون معه.. والمشكلة أنهم قد يقاومونه فنفقد هيبة الدولة حقا، بعد أن تفقد عدلها.

الضعف هو أن يستمر عدم احترام الناس لدولتهم، والضعف هو أن يعتقد المواطن أن الدولة لا تحميه، والضعف هو أن يشعر المواطن أنه عرضة للظلم دائما.. أما الرجوع إلى الحق فهو القوة وهو الحزم وهو الحق أيضا.

هل رأيتم مواطنا رفع صوته على دركي؟ هل رأيتم مواطنا شاحن فردا من الجيش؟ لماذا؟ لأنهم يعاملونه باحترام، ولأنهم واثقون بأن الحق والقوة معهم.

هناك بدون شك من يستغل هذه الأخطاء ويحمل كل جهاز الدولة مسؤوليتها، وهناك من ينشرها ويضخمها، ولكن أجهزة الدولة تتحمل مسؤولية هذا الاستغلال لأن من أعطى ثغرة من نفسه فليس من حقه لوم خصمه على استغلالها.

لا تتحمل الأجهزة ولا قياداتها، المسؤولية المباشرة عن وقوع خطأ ما، ولكنها تتحمل كامل المسؤولية في معاقبة مرتكبي الخطايا، وتتحمل مسؤولية أكبر في تكرار هذه الخطايا وتتحمل مسؤولية كبرى في تحولها إلى سلوك وظاهرة.

ألا فتداركوا رحمكم الله.

       

بحث