اقتراحات على هامش لقاء رئيس الجمهورية

اثنين, 21/10/2019 - 10:52

تشرفت يوم الإثنين الماضي بلقاء فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ضمن وفد قيادي من اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين بدعوة كريمة من فخامته للاتحاد،  وبصفتي أمين أدب الشباب في المكتب التنفيذي للاتحاد، ورئيس كتلة الإصلاح الأدبي التي تضم عددا معتبرا من الأدباء الشباب، أتقدم إلى فخامته بجزيل الشكر والامتنان على إتاحة فرصة لقائه في بداية مأموريته رغم انشغالاته الجمة.
إن لقاء فخامة رئيس الجمهورية بالفاعلين في مجال الثقافة والأدب في هذه الفترة بالضبط،  دليل قاطع على اهتمامه بالثقافة والمثقفين ومنحهم المنزلة اللائقة بهم في المجتمع، كموجهين، ومؤطرين، ودعاة محبة وسلام، وهو ماجعلني أكتب هذه السطور التي أحاول أن أوضح فيها رؤيتي للثقافة وطموحي لما أريد أن تصير عليه.
سيدي الرئيس لايخفى عليكم أن الثقافة رافد من روافد التنمية وعامل من عوامل تقدم وازدهار الشعوب وسعادتها، وقد أثبتت ذلك تجارب بعض الدول رغم اختلاف سياقاتها، فالتجربة الفرنسية واللبنانية مثلا جعلت من الثقافة عاملا مهما لإنعاش الاقتصاد الوطني، حيث أصبح جزءا كبيرا من الناتج القومي لهذه الدول يأتي من صناعة الثقافة.
سيدي الرئيس لايخفى عليكم أن الدول تستثمر في المجالات المميزة لها ، ونحن تميزنا الثقافة كثيرا عن البلدان الأخرى وعرفنا بها منذ زمن بعيد، وقام علماؤنا وشعراؤنا بتصديرها لمختلف مناطق العالم، فأضحت المحدد الأول والأخير لهوية شعبنا وحاضرنا ومستقبلنا...
سيدي الرئيس مساندة مني لسعيكم في إصلاح قطاع الثقافة واهتمامكم بالفاعلين في مجالها يسعدني أن أقترح عليكم بعض الخطوات التي أعتقد أنها  قد تساعد في الرفع من مستوى الثقافة:
1-إنشاء مرصد للتراث الموريتاني:مهمة هذا المرصد هي القيام بالبحث والدراسات الثقافية وحفظ وحماية تراثنا من الضياع الذي يهدده بفعل الإهمال، كما سيساعد على تسجيله لدى منظمة اليونيسكو باسمنا، فما زال الكثير من موروثنا الثقافي مسجلا لديها باسم المملكة المغربية الشقيقة"الدراعة والملحفة مثلا".
2- إنشاء معاهد أكاديمية للمهن والفنون الثقافية: إن الثقافة لدينا تعاني من الفوضوية وعدم التنظيم وبالتالي سيكون إنشاء معاهد أكاديمية تقوم بالتكوين في مختلف مكونات الثقافة من فن، ومسرح، وشعر، ورسم، وموسيقى، وتصوير، خطوة مهمة في خدمة الثقافة وتحقيق التنمية، وتكون هذه المعاهد موجودة في كل ولاية من الوطن على الأقل، وتقوم بإعطاء شهادات معترف بها للخريجين الذين خضعوا للتكوين والتدريب فيها، ويمكن لهذه المعاهد أن تفتح نافذة للتبادل الثقافي والمعرفي مع مثيلاتها في البلدان الأخرى.
3- إدراج مادة الثقافة في المناهج التربوية:إن الثقافة تهذب النفوس وتصنع الشخصية النموذجية لدى الشباب والكهول، وتكوين أجيال المستقبل عليها"الأطفال والشباب"في مراحل تعليمهم المبكرة أصحبت ضرورة تفرض نفسها.
4- إنشاء هيئة للإنتاج الثقافي:إن أغلب رموز البلد قد رحلوا للأسف دون أن نستفيد من منتوجهم الأدبي والثقافي، وستشحع هذه الهيئة أهل الثقافة على الإنتاج وتقوم بحفظ وأرشفة إنتاجهم من دواوين، شعرية ونثرية، بالكتابة والصوت.
5- إنشاء دور للسينما والنشر: إن العاصمة انواكشوط والولايات الداخلية لا توجد بهم دار واحدة للنشر أو السينما وهذا ما يجعل إنشاءهما مطلبا ملحا ومستعجلا.
6- في إطار اهتمامكم بالشباب الموريتاني وإعطائه أولوية خاصة في برنامجكم الانتخابي" برنامح تعهداتي" سيكون من المفيد للشباب المنخرطين في المجال الثقافي اكتتاب عدد معتبر منهم وتكوينهم في المدرسة الوطنية للإدارة، ليتم إرسالهم ملحقين ثقافيين في سفاراتنا بالخارج وهذه النقطة زيادة على كونها ستمتص البطالة في صفوف الشباب المثقفين فإنها ستكون إضافة مهمة للدبلوماسية الموريتانية، ومن خلالها يمكن تسويق ثقافتنا عن طريق أهل الاختصاص والرفع من المستوى المعنوي لدى أهل الثقافة.
7-تحديث مهرجان المدن القديمة: إن فكرة مهرجان المدن القديمة هي فكرة في غاية الأهمية ولها عدة إيجابيات،  ولكن المادة المقدمة في هذا المهرجان أصبحت مكررة، وهو مايستدعي تحديثه وتطويره حتى يصبح موسما ثقافيا بامتياز، من خلال منح "جائزة رئيس الجمهورية للفنون الجميلة" التي جاءت في الصفحة 45 من برنامج تعهداتي في فعاليات هذا  المهرجان، كما أن استدعاء ممثلين عن المدن القديمة في بعض الدول الأخرى سيكون إضافة للبرنامج وخطوة نحو الوصول إلى  أهدافه"استدعاء رئيس الأزهر مثلا".
8- إطلاق برنامج"موريتانيا الثقافية" سيعرف هذا البرنامج على ثقافتنا وتنوعها وثرائها، ويروج للصناعة التقليدية ويمكن تنظم مسابقات ضخمة عن طريقه بحجم المسابقات التي تنظم في بعض الدول الأخرى، والتي يتميز فيها أبناء تقافتنا دائما"برنامح أمير الشعراء مثلا"
9- إطلاق برنامج"الثقافة من أجل الوحدة الوطنية" سيعتمد هذا البرنامج على أداء معاهد المهن والفنون الثقافية التي توجد في كل ولاية من ولايات الوطن، حيث تتبادل الخبرات والثقافات فيما بينها، ليقع تلاقحا ثقافيا ملموس النتائج، فيقوم مثلا معهد آدرار للمهن والفنون الثقافية بمنح مجموعة من طلابه إلى معهد كيهيدي لتعلم اللغات الوطنية هناك، ويقع نفس الأمر بالنسبة للمعاهد الأخرى.
10- تفعيل الرقابة على الهيئات الثقافية: إن التغافل المعمول به من طرف الدولة اتجاه الهيئات الثقافة بعدم رقابة ومتابعة الأموال العمومية التي تنفق عليها والوقوف على طبيعة صرفها، يشكل عائقا أمام تقدمها ونموها، فغالبا ما يتم صرف تلك الأموال في أمور أخرى لا علاقة لها بالثقافة من قريب ولا من بعيد.

زكرياء ولد العالم: شاعر وقانوني

  

        

بحث