تغيير نظام دوري أبطال أوروبا ستكون له عواقب وخيمة على كرة القدم

جمعة, 06/09/2019 - 08:27

قبل فوز مانشستر يونايتد بلقب دوري أبطال أوروبا عام 1999 قال المدير الفني للفريق السير أليكس فيرغسون: «دوري أبطال أوروبا يجب أن تكون هي حبة الكرز على الكعكة. لا أحد يريد أن تكون هذه البطولة هي الكعكة كلها، وإلا سيفسد كل شيء!».

كان فيرغسون قد أدلى بهذه التصريحات قبل عقدين من الزمان، ليس فقط رداً على السماح للأندية التي لم تفز ببطولة الدوري في بلدها بالمشاركة في دوري أبطال أوروبا –رغم أنه كان متساهلاً بعض الشيء فيما يتعلق بمشاركة مانشستر يونايتد في دوري أبطال أوروبا بعدما احتل المركز الثاني في الدوري الإنجليزي الممتاز خلف آرسنال عام 1998- ولكن رداً أيضاً على قيام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بتغيير نظام المسابقة مرة أخرى بالشكل الذي يسمح بزيادة عدد المباريات في دور المجموعات.

ورغم أن هذا النظام لم يدم طويلاً، واستمر حتى موسم 2002-2003 لا يزال هناك بعض الأصوات المؤثرة –من بينها الرئيس التنفيذي السابق لمانشستر يونايتد ديفيد جيل– ترى أنه يجب أن يكون هناك دوري مصغر بعد دور المجموعات، وتؤكد أن ذلك الأمر سيكون أكثر جاذبية وتنافسية من دور الستة عشر، الذي تتأهل له الأندية بعد دور المجموعات مباشرةً والذي عادةً ما يكون من السهل بالنسبة إليها الوصول إلى دور الثمانية.

في البداية، يجب تأكيد أن كل شخص له رؤيته الخاصة فيما يتعلق بالشكل الذي ينبغي أن تكون عليه المسابقة التي بدأت بمسمى «بطولة أوروبا للأندية أبطال الدوري»، فيعتقد البعض أن البطولة كانت أفضل وأقوى عندما كان يشارك فيها بطل الدوري فقط من كل دولة، متجاهلين المكاسب المالية الضخمة والإثارة الكبيرة التي شهدتها البطولة على مدار الأعوام العشرين الماضية، في حين يشعر آخرون بأن البطولة توشك على الكمال في الوقت الحالي، في ظل حالة التوازن بين الالتزامات القارية والالتزامات المحلية في كل دولة على حدة.

وخلال قرعة دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا التي أُجريت الأسبوع الماضي، جاءت ثلاثة أندية إنجليزية في التصنيف الأول، حيث انضم ليفربول وتشيلسي إلى مانشستر سيتي بفضل حصولهما على لقب دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي على الترتيب الموسم الماضي. وفي ظل وصول أربعة أندية إنجليزية للمباراتين النهائيتين لدوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي الموسم الماضي، ووجود توتنهام هوتسبير إلى جانب ريال مدريد في التصنيف الثاني نتيجة لذلك، كان من الصعب أن يكون الموسم الماضي أفضل من ذلك بالنسبة إلى أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي كان الدوري الوحيد في الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا الذي ظل الصراع عليه شرساً للغاية حتى اليوم الأخير من الموسم.

وتجب الإشارة إلى أن مثل هذه الأشياء قد تكون مؤقتة، والدليل على ذلك أنه قبل ثلاث سنوات فقط من الآن كانت الأندية الإنجليزية ممثَّلة في نادٍ واحد فقط في دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا وهو نادي ليستر سيتي -لكن في الوقت الحالي فإن إنجلترا تفخر بأنها تمتلك أفضل وأقوى بطولة دوري في أوروبا، وقبل كل شيء فإن الأندية الكبرى في إنجلترا تستخدم ثرواتها الكبيرة في تحقيق خطوات كبيرة وملموسة في المسابقات الأوروبية.

ورغم أن ذلك قد يكون مصدراً للإحباط بالنسبة إلى أنصار أندية صغرى الآن مثل بولتون وبيري، فهناك شعور بالإحباط أيضاً على المستوى الأوروبي في ظل الحديث عن تحركات لزيادة إيرادات الأندية الكبرى على حساب الأندية الأصغر. ونظراً إلى أن التغيير في شكل بطولة دوري أبطال أوروبا بدايةً من موسم 1991-1992 جاء في الأساس كرد فعل على تهديد بعض الأندية الكبرى بعدم المشاركة في البطولة، فقد وجد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم نفسه في موقف مماثل على فترات منتظمة منذ ذلك الحين. وتكمن المشكلة الآن في أن الكثير من الأموال يتركز الآن في إنجلترا، وهناك اهتمام ضئيل للغاية بالدوريات الأخرى في جميع أنحاء أوروبا، والتي تهيمن عليها إلى حد كبير أندية عملاقة مثل بايرن ميونيخ في ألمانيا ويوفنتوس في إيطاليا.

ولم يكن من قبيل المصادفة أن رابطة الأندية الأوروبية الراغبة في إعادة هيكلة دوري أبطال أوروبا بالشكل الذي يضاعف عدد المباريات، يترأسها أندريا أغنيلي، رئيس نادي يوفنتوس، كما أن المنطق واضح وبسيط للغاية من وراء مقترحها بأن تضم كل مجموعة من مجموعات دوري أبطال أوروبا ثمانية أندية بدلاً من أربعة، مع إعادة التأهل التلقائي للأندية الكبرى في دوري أبطال أوروبا بغض النظر عن مركزها ونتائجها في جدول ترتيب الدوري المحلي، فهذا المنطق يحوّل بطولة دوري أبطال أوروبا إلى دوري السوبر الأوروبي، وبالتالي لن ينقصها شيء سوى تغيير مسمى البطولة فقط!

ولحسن الحظ، وفي مواجهة الأدلة التي تفيد بأنه لا يوجد أحد يريد هذا التغيير فعلياً، باستثناء عدد قليل من الأطراف القوية التي يبدو أنها تجد آذاناً صاغية من مسؤولي الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فقد تم تعليق المحادثات بين رابطة الأندية الأوروبية ورئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ألكسندر سيفرين. وعلى أي حال، لن يتغير أي شيء في هذا الصدد قبل عام 2024، لكن الآن سيكون هناك توقف لإعادة التفكير في الأمر. ولا يتفق الجميع مع فيرغسون على أن كرة القدم الأوروبية يجب أن تكون حبة الكرز على الكعكة، ويسعون لتغيير شكل المسابقة دون أن يدركوا صعوبة ذلك وتداعياته على كرة القدم.

في الحقيقة، من الصعب الدفاع عن الشكل الحالي للمسابقة من دون أن يتم اتهامك بأنك معادٍ للتطور والتقدم، على الرغم من أنه من الصعب اعتبار زيادة ثراء بضع عشرات من الأندية الثرية للغاية بالفعل على حساب الأندية الأخرى تطوراً أو تقدماً! وإذا كان بإمكان رئيس رابطة الدوري الألماني الممتاز بالإنابة، رينهارد روبال، انتقاد مبادرة رابطة الأندية الأوروبية، خصوصاً أنه يبدو أنه قد شعر بالضيق من تفوّق بايرن ميونيخ الواضح عندما كان رئيساً لنادي بوروسيا دورتموند، فيجب الاستماع إلى تصريحاته جيداً، حيث قال روبال: «الدوري الألماني الممتاز لديه أعلى متوسط حضور جماهيري للمباريات في أوروبا، حيث يصل معدل الحضور الجماهيري في المباراة الواحدة إلى 42 ألف متفرج، ونحن لا نريد أن ندمر ذلك بقرار واحد. يتعين علينا أن نوضح أن الدوري المحلي هو الأهم».

وعلى المستوى المحلي، لم يكن بإمكان ليفربول أن ينافس مانشستر سيتي بهذه القوة في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي لو اضطر إلى خوض 14 مباراة في دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا! ومن المؤكد أن قوة الدوري الإنجليزي الممتاز قد تتأثر بهذا التغيير، كما أن فريقاً يتطور مستواه بشكل ملحوظ مثل توتنهام هوتسبير قد يجد صعوبة أكبر في التطور بنفس المعدل. ومرة أخرى، فإن رابطة الأندية الأوروبية بهذا الشكل تقول للأندية الكبرى إنه لا يتعين عليها أن تبذل قصارى جهدها في الدوري المحلي لأنها ستشارك في دوري أبطال أوروبا كل موسم بغض النظر عن نتائجها على المستوى المحلي.

ومع ذلك، إذا فكرنا في الألقاب الأوروبية الستة التي حصل عليها ليفربول سنجد أنه حصل على أربعة منها نتيجة مشاركته في دوري أبطال أوروبا بصفته بطلاً للدوري الإنجليزي، في حين حصل على لقبين لدوري أبطال أوروبا بعد مشاركته وهو ليس بطلاً للدوري المحلي. وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يريد أي شخص في ليفربول حقاً وقف القتال على الجبهة الداخلية لأنه سيضمن المشاركة في دوري أبطال أوروبا على أي حال؟

ش  الاوسط

       

بحث