أحد تقارير السفارة الفرنسية عن حكومتنا إلى الخارجية في باريس

خميس, 18/07/2019 - 11:26

بعد الافراج في فرنسا عن التقارير الدبلوماسية التي كانت السفارة الفرنسية في نواكشوط، ترفعها أسبوعيا إلى سلطات بلادها، أصبح بالإمكان الاطلاع على الكثير من تفاصيل مرحلة تأسيس الدولة الموريتانية من وجهة النظر الفرنسية.
 

 التقرير الأسبوعي رقم: 106 (الأسبوع من 8 إلى 14 اكتوبر 1961)

بدأت الحكومة الموريتانية الجديدة ممارسة مهامها بجدية ولحسن الحظ فقد كشفت عن استعداد لتحقيق نتائج إيجابية وعن إحساس بالمسؤولية فاجأ المراقبين بعد ما كانت الحكومة السابقة تظهره من ركود خلال الشهرين الماضيين. وكتعبير عن ذلك، فقد أعلن 3 وزراء حتى الآن عبر أثير إذاعة موريتانيا عن التوجهات التي يقترحونها لقطاعاتهم وعن نوعية الدعم الذي يتوقعونه من العاملين معهم ومن السكان المستهدفين بنشاطاتهم.

لقد اختار بابوكار آلفا وزير الصحة والشغل والشؤون الاجتماعية الانطلاق من أخلاقيات المهنة لتوجيه توصياته الأولى لمرؤوسيه: "سأعمل على أن تستعيد الأسرة الطبية الوظيفة التي أنشئت من أجلها: الوقاية، العلاج، المحافظة على الصحة وممارسة المهنة من دون تمييز ولا مجاملة مذنبة أو صرامة مفرطة"، وأضاف متحدثا إلى العمال "إن الظروف الخاصة لبلادنا في هذا الظرف الدقيق، تفرض على الجميع واجب مواجهة صعوباتنا من دون عاطفة ولا ديماغوجية تزرع سوء الفهم.. إن الحكومة واعية بحجم الصعوبات الحالية ولن تألو أي جهد من أجل أن تجد لها الحلول المطلوبة في إطار النزاهة والصدق مع الذات. وإذا كانت مصلحة الأمة ليست دائما في تعارض مع مصلحة رب العمل أو العامل، فإن دورها كحكم يحظر عليها المجاملة غير المسؤولة وما ينجر عنها من تعسف مدمر".

وخلال كلمة له نفس اليوم بالإذاعة، قال وزير النقل والبريد والمواصلات بوياكي ولد عابدين موجها حديثه إلى الموظفين الفرنسيين الموضوعين تحت تصرف قطاعه للمساعدة الفنية: "ستضع الحكومة تحت تصرفكم جميع الوسائل الضرورية لتنفيذ المهام التي ستسند إليكم، غير أن دوركم ينبغي أن يتوقف تماما عند حدود دور المستشار الفني ويجب عليكم أن تحجموا عن فعل أي تصرف من شأنه الاضرار بكرامة وسيادة الأمة الموريتانية. وفيما لو اختفى النظام الحالي للمساعدة التقنية الفرنسية، فإن موريتانيا ستتكفل بالحصول على الفنيين الضروريين لانتظام سير مصالحها".

وبدوره لخص وزير الاقتصاد الريفي والتعاون الداه ولد سيدي هيبه العمل الذي ينوي القيام به في قطاعه، قائلا: "علينا أن نرتقي بالمجتمع الموريتاني إلى مستوى مجتمعات القرن العشرين وأن نجعل منه عنصرا ديناميكيا في الحضارة الحديثة. إن إنجاز هذه المهمة يتطلب مواصلة سياسة تطوير في جميع قطاعات اقتصادكم التقليدي من خلال إدخال الأساليب الملائمة. وسيكون ذلك هو هدف القطاع الريفي".

وبخصوص رئيس الحكومة فإنه عقد اجتماعا أول لوزرائه يوم 7 اكتوبر صادق على إجراءات تقشفية. ولأن الضرورة تفرض نفسها كقانون فقد تمت المصادقة على تعديل ثالث للميزانية سيصدر لاحقا في شكل مرسوم وهو مخصص لتغطية نفقات الأمانة العامة للدفاع التي لم تكن لديها حتى الآن مخصصات بالإضافة إلى التكاليف الناشئة عن إنشاء رئاسة الجمهورية. وبلغت النفقات الجديدة 44 مليون ستوفر في جزء منها عبر اقتطاعات من صندوق الاحتياط وفي جزئها الآخر من إلغاء نفقات لم تتحقق سنة 1961 مثل المشاركة في رأسمال MICUMA الذي سبق وخصصت له 10 ملايين.

نفس الحرص على الفعالية يمتد أيضا إلى المجال السياسي حيث يسعى رئيس الدولة لفرض برنامج الوحدة السياسية المقرر خلال الانتخابات الرئاسية. وكانت "الطاولة المستديرة" للأحزاب الموريتانية التي انعقدت أيام 2، 3 و 4 اكتوبر، قد أصدرت البيان التالي:

"اجتمعت الطاولة المستديرة للأحزاب والحركات الموريتانية في نواكشوط أيام 2، 3 و 4 اكتوبر 1961 لمناقشة جدول الأعمال التالي:

1- مؤتمر الوحدة؛

2- إجراءات مؤتمر الوحدة؛

3- الأشغال التحضيرية للمؤتمر؛

4- نقاط متفرقة.

1- حددت الطاولة المستديرة كتاريخ لانعقاد المؤتمر يوم 25 ديسمبر في نواكشوط وأعطت موافقتها للأحزاب والحركات أن تتشاور مع أطرها قبل ذلك من خلال مؤتمرات أو طرق أخرى حتى يتسنى لكل تشكيلة أن تضيف للوحدة مساهمة صادقة ونزيهة وفعالة.

2- قررت الطاولة المستديرة أن تعين الأطراف الأربعة 80 مندوبا إلى مؤتمر الوحدة؛ وحرية اختيار المندوب متروكة لتشكيلته."

وبعد المناقشات قرر الأحزاب منح الطاولة 20 مقعدا لتمثيل بعض الهيئات الوطنية في المؤتمر وذلك على النحو التالي:

- اتحاد العمال الموريتانيين 10 مقاعد؛

- الشباب الموريتاني 5 مقاعد؛

- الطلاب الموريتانيون 5 مقاعد.

وفي الختام قررت الطاولة المستديرة أن تجتمع يوم 29 نوفمبر في نواكشوط من أجل "دراسة مشاريع النظام الأساسي والداخلي وبرنامج الحزب والمصادقة على لائحة مناديب المؤتمر والإطلاع على تقدم التحضير المادي له".

وخلال اجتماعها يوم 9 اكتوبر تحت رئاسة الرئيس المختار ولد داداه، قررت الأمانة الدائمة لحزب التجديد هي الأخرى بدء التحضير لهذا المؤتمر المهم وتحديد الخطوط العريضة للمساهمة التي تنوي تقديمها له. 

وفي الوقت الذي تشير فيه معلومات رسمية إلى أن إنشاء حزب الوحدة أصبح حقيقة لا رجعة فيها، فإن معلومات غير رسمية تتحدث عن تشكل معارضة من طرف المستائين من التعديل الوزاري الأخير، حيث يقال إن سيد احمد لحبيب ويعقوب ولد أبو مدينة –اللذين شاركا في الطاولة المستديرة- التقيا مطولا بالرئيس السابق للجمعية الوطنية سيد المختار وطلبا منه ترأس هذه المعارضة. ويجري الحديث أيضا عن أن حمود ولد أحمدو رئيس الجمعية الوطنية والوزير السابق شيخنا ولد محمد لقظف، قد استقطبا 25 نائبا من حزب التجديد مما يسمح لهما بإمكانية استدعاء دورة طارئة للجمعية الوطنية بهدف مراجعة الدستور. غير أنه لحد الآن لم يصدر أي فعل يدعم هذه الشائعات، إذ تبقى تحركات هؤلاء المعارضين مقتصرة على نقاشات عاطفية وسمر ليلي.

***

تستمر مسألة انضمام موريتانيا إلى منظمة الأمم المتحدة في إثارة الاهتمام بنواكشوط ما بين متفائل ومتشائم حولها. وقد جاء الالتزام الذي أعلنت عنه الصين الوطنية –بطلب من مجموعة ابرازافيل- بعدم الاعتراض على انضمام منغوليا من أجل رفع حظوظ موريتانيا، ليبعث بعض الأمل في نفوس الموريتانيين. غير أن إعلان الاتحاد السوفيتي يوم الخميس لشرطه الجديد لرفع الفيتو: دعم مجموعة ابرازافيل لترشح الصين الشعبية، قد أغلق مجددا كل إمكانية لرؤية موريتانيا تنجح في الانضمام للأمم المتحدة. وفي هذه الظروف أصبحت المواقف الرسمية وتعليقات إذاعة موريتانيا، حذرة ونادرة.

ترجمة: اقلام