رسالة مفتوحة ونصائح موجهة للشيخ الددو( تستحق القراءة)

اثنين, 20/05/2019 - 22:55

الدين النصيحة، والنصيحة من المشورة المطلوبة في منطوق الآية (وشاورهم في الأمر)؛ الخطاب لأجلّ الخلق، والعلماء ورثة الأنبياء.

يحز في نفسي ويؤلمني غيرة على العلم وحمية لعلاقات مودة متوارثة أن أقرأ أو أسمع ما يؤذيني في الشيخ الددو..

نحن في لحظة "ويخلق ما لا تعلمون" عالم مفتوح مكشوف السرائر لا خبء فيه، بجرة قلم من جاهل وبضغط زر من حاقد تشيع الفاحشة، ويصور زمزمُ عسقلا، ويكسو سجفُ الباطل لؤلؤَ الحق، وتُشوه أصباغُ الدعاية الدعية الدررَ  والجواهر الثمينة..
في عولمة يختفي فيها العدو المجهول خلف شاشة في جحر درن من العالم وينفث سمومه المفخخة المدمرة فيتلقفها العامة عن جهل والخاصة عن سوء نية فتصمم منها أسطوانة دعائية قادرة على تدمير الرموز والجماعات والمبادئ والمذاهب والمدارس والمجتمعات والدول.
في زمنٍ دجالٍ يلتبس فيه الحق بالباطل حتى لا يكاد قاهر الدجال تمييز ناره من جنته، و يكاد لا يتعرف نصفاه على بعضهما بعد النشر.

شيخنا الدوو ..

ليس ذلك المقام مقامك..إنهم يحجمونك...
. التمذهب السياسي يحجمك..
. التخندق والانحياز إلى فئة من المسلمين دون أخرى يحجمك..
. الإعلام خداع كصحبة الجن قليلها يضر، يستغلك فيشتهر بتحجيمك..
. الحكومات واحدة لكل منها مآرب موسى في عصاه، كليث يظهر أنيابه في رسم ابتسامة، وتلك التي تستميلك وتغريك الآن تستغل رصيدك في تلميعها وتجلب لك عداوات أنت في غنى عنها، تلك الدول تحجمك..
. ننساق بطبيعتنا البدوية مهما بلغنا عقلا وحكمة وعلما وراء العناوين الدينية دون أن نعرف قبل فوات الأوان أن السم في الدسم، تلك العناوين الخداعة تحجمك..

شيخنا الددو..

. أخاف على آخرتك وأنت واقف أمام الرب يسألك عن الفتاوي بتكفير المسلمين والتحريض على قتلهم وتحريض الشعوب على الفتنة وفتاوي الحروب، وأنت ما فعلت ذلك إلا انسياقا وراء معطيات مغلوطة قدمت إليك.
.  ماذا تقول - لعن الله من سبب لك ذلك - في مئات الآلاف من القتلى وأعداد لا تحصى من المشردين والأيتام والأرامل والمعوقين في سوريا التي كانت قبل فتاويكم لمن يعرفها جنة الدنيا كانت الدولة العربية الوحيدة التي ليست عليها ديون تنتج ما تستهلك التعليم والصحة فيها بالمجان لجميع العرب قادت بطرق مختلفة المقاومة على إسرائيل؛ نعم هي دكتاتورية لكن أيهما أفضل ما كان قبل تدخل تركيا وقطر وإسرائيل واستجلابها لشذاذ العالم بفتاويكم وأمثالكم من العلماء المغرر بهم وأموال الشعوب المقهورة؛ ومآلات الحرب الناعمة الذكية التي كنتم من وقودها؟! 
. ألا ترى أنه لو وفرت الدعاية والمال والفتاوي والطاقات العربية والإسلامية التي استخدمت في سوريا وحدها بتدبير قطري تركي علني لتحرير فلسطين لتحررت معها أمريكا؛ ألا ترون في سلم الأولويات أن الأولى تقديم الجهاد في فلسطين بدل قتل المسلم للمسلم؟
. ألم يكن القذافي وبشار على سوءاتهما أفضل بكثير مما قدمه حلفكم وثورته الصيفية؟ 
٠ هل بقي من ليبيا القذافي إلا ما بقي من اسمها ليبيا بدل الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، حيث لا جماهير ولا عروبة ولا شعب ولا اشتراك ولا عظمة..نشاهد خيرات تنهبها القوى المستعمرة وبيوتا مهدمة وأسرا مشتتة ووطنا ممزقا وطوائف متناحرة، ماذا تقولون لله في ذلك وأنتم من أفتى بالفتوى الشهيرة؟
. ماذا تقول في الرئيس السوداني الذي مزق السودان باسم الدين دمر الدولة وأهان الشعب وكنز الذهب والفضة ففي بيته عشرات ملايين الدولارات وما خفي أعظم وكنتم تصفونه بصفات الصحابة وتدافعون عنه وتزكونه بصيام الاثنين والخميس؛ ألم يغرر بكم في شأنه وقد ظهرت حقيقته تماما كما يغرر بكم في شأن تميم وأوردوغان؟! أين أنتم في تزكيتهم من (ستكتب شهادتهم...)؟
. أليس أوردوغان الرمز الإسلاموي المقاوم هو أكبر صديق لإسرائيل؟ أليست علاقات تركيا بإسرائيل في قمة التطبيع؟ أليست القنابل الصوتية التي يطلقها مجرد مصائد لعواطف المسلمين؟ هل حرر شبرا من أرض مسلمة مغتصبة؟ هل أطلق سراح سجين مسلم يئن في غيابات سجن ظالم؟ هل أقام مشاريع تنموية في البلاد الإسلامية لأغراض خيرية؟ ألم يتضرر منه المسلمون الأتراك من أنصار الداعية التقي غولن وعانوا من ويلات السجن والفصل التعسفي بمجرد تهمة الإطاحة به؟ أليست الشركات التركية لا سيما المملوكة لابن أوردوغان هي أكبر عامل في البنية التحتية في الأراضي المحتلة؟ ماذا قدم أوردوغان بالله عليك شيخنا للإسلام والمسلمين؟ ماذا أضاف في القوانين التركية من أحكام الشريعة الإسلامية؟ ألم يكن مسعر حرب في سوريا وليبيا والعراق ومصر؟ ألم يكن سارقا طليقا لمصانع وخيرات سوريا؟ ألم يكن مزعزعا لأمن دول الخليج؟ ألم يتآمر مع إيران ويتقاسم معها النفوذ في سوريا والعراق؟ ألم يسلم أفراد جماعتكم لسيسي؟ ألا يمكن للحظة قراءته بعيون أخرى تستحضر هاجسه الإمبراطوري وأناه العثماني الطاغي؟ ألا يمكن تصنيفه مكلفا تحت الطاولة بملف الإخوان، بغباء جمعوا عنده أموالهم واجتمع عنده رموزهم وفي قاعاته يخططون، فأصبحوا صيدا سهلا لمخابراته لتتبعهم ومراقبتهم وبيعهم واحدا واحدا ملفا ملفا..؟!
. أليست قطر عرابة التطبيع؟ أليست دولة مبنية على العقوق؟ ألم يصرح رئيس وزرائها وزير خارجتها السابق بالعمالة لأمريكا وبالتالي إسرائيل؟ ألم يعترف بأن الحرب على سوريا وما واكبها من دعايات إعلامية وفتاوي دينية كانت تقودها أمريكا والغرب؟ أليست الجزيرة حمالة حطب أهلكت الحرث والنسل بفبركاتها الدعائية الموبوءة؟ ألا تقبع على أراضي قطر أكبر قاعدة أمركية في المنطقة؟ ألا توجد فيها قاعدة ضخمة للدولة العثمانية؟ ألم تزعزع بأنشطتها المشبوهة بالتعاون مع تركيا وإيران أمن الخليج العربي؟ ألا يمكن أن تقرأوها بعدسات صافية باعتبارها عميلا طيعا مكلفا بمهمة حماس اجتمع فيها قادتها وفيها تجتمع وتدار خططها ليسهل التدخل فيها ومراقبتها و بيعها للمسير الأمريكي؟ أليس ذلك هو سر الثناء منقطع النظير من الإدارة الأمريكية على قطر؟
. أخاف عليك أن تصبح مطاردا بمذكرات دولية، فوراء تلك العناوين البراقة بشعارات الإسلام أشياء أخرى لم يطلعوك عليها..

شيخنا الددو..

. كان باستطاعتك أن تكون ماركة مسجلة "مبيد التطرف"..
. كان لك أن تكون الفيصل والفاروق إذا اختلف المسلمون لا أن تكون مجرد نقطة في الخلاف.
. كان بإمكانك أن تكون "بابا المسلمين" كل يجد فيك ذاته أو لا يصنفك عدوه..
. كان عليك أن تكون مرشدا عاما للمسلمين لا أن تكون مجرد مرشح لإرشاد بعض المسلمين..
. كان لجامعتك أن تكون فروعها في مختلف دول العالم يتسابق الممولون والسياسيون والدول لتبنيها وخدمتها بدل أن تكون محاصرة في دولة لا تحتاجها أصلا.
. كان لمعهد العلماء أن يكون منارة للدين يستقطب إشعاع القرويين والزيتون والأزهر بدل أن يكون مضايقا محسورا في زاوية تهمة الإرهاب..
. كان لقناتك المرابطون أن تكون الأكثر مشاهدة بين المسلمين تبث بكل اللغات تعلم وترشد وتفتي دون حرج بدل أن تكون إخبارية مجهولة لا تشاهد في الحيز القريب من بثها.
. كان لمؤلفاتك أن تكون بالمئات وبعشرات اللغات لو سخرت بعض جهدك الذي يستغله غيرك لصالحه في التأليف والنشر.
. كان لأتباعك أن يكونوا بمئات الملايين بدل ذباب يرتزق على مائدتك يحوم حولها سيختفي بمجرد تجفيف منابع دسمها تماما كما اختفى من كانوا يحومون حول الشيخ الرضى.
. كان بالإمكان أن يكون عدد المسلمين قد ازداد على يدك بمئات الآلاف لو سخرت علمك وحكمتك وعقلك ومالك وعلاقاتك في الدعوة في أدغال إفريقيا ومدن آسيا وأبراج أمريكا وأوربا..
. كان بالإمكان أن تكون رقما عالميا لا مجرد مدعو في المؤتمرات القطرية و التركية.

شيخنا الددو..

لو اشتغلت بتدريس العلم والتأليف والدعوة بعيدا عن السياسة والساسة لكنت مرحبا بك معززا مكرما في جميع المناطق والدول ولما سبك وتطاولك عليك أحد ولما كنت مثار خلاف جذري بين المسلمين، لقد كان بإمكانك أن تكون أبدع مما كنت حفظك الله ورعاك وسدد خطاك ولا أرانا فيك ما تكره ونكره وأعادك إلى قواعد الأجداد سالما.

د. محمد سالم جدو

ملاحظة/ العنوان الأصلي للمقال :

(رسالة مفتوحة الى الشيخ الددو ،،حفظه الله،،

       

بحث